ومن القواعد المعلومة المقررة في أصول الفقه أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. (٦٣) الفارِهُ: اسم فاعل من فَرُه على وزن كَرُم، إذا مَهَرَ وَحَذق في الشيء، وعبارة القرافي هنا: يكفي في هذا الشرط مسمى الكتابة ولا يحتاج إلى المهارة فيها في تحقيق هذا الشرط. اهـ. ثم قال ابن الشاط عن النوع الثالث الذي هو مشقة بين هذين النوعين: المشقةِ العليا، والمشقة الدنيا: هذا كلام ليس بالمستقيم ... ، والصوابُ أن التقسيم ثلاثة أقْسام أو ثلاثة أنواع: متفق على اعتباره في الإسقاط أو التخفيف، ومتَّفقْ على عدم اعتباره، ومختلَف فيه. (٦٤) عبارة شهاب الدين القرافي هنا أظهر وأوسعُ حيث قال: سؤال آخر، ما لَا ضابط له ولا تحديد وقع في الشرع على قسمين: قسم اقتُصر فيه على أقل ما تَصْدُقُ عليه تلك الحقيقة، والقسم الآخَرُ ما وقعَ مسْقطا للعبادات لم يكتف الشرع بإسقاطها بمسمَّى تلك المشاق، بل لكل عبادَةِ، مَرْتَبَة معَيَّنة من مشاقها المؤثرة في إسقاطها، فما الفرق بين العبادات والمعاملات؟ فالجواب أن العبادات مشتملة على مصالح العبادة ومواهبِ ذى الجلال وسعادة الأبد، فلا يليقُ تفويتها بمسمى المشقة مع يَسَارة (سهولة) احتمالها، ولذلك كان ترْكُ الترخص في كثير من العبادات أوْلى، ولأن تعاطِي العبادة مع المشقة أبْلَغُ في إظهار الطواعية، وأبْلَغُ في التقرب، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: أفْضل العباداتِ أحْمزُها (أي أشقُّها)، وقال: أجْرُكَ على قَدر نصَبِك (أي تعبك).