للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر شهاب الدين -رحمه الله- هنا في هذا الفرق الكبائر والصغائر من حيث هذا الضابط بعْد أن قال: من الناس من منع قِسمةَ المعاصي إلى كبائر وصغائر فقال: كل معصية كبيرةٌ، ثم قال: والْحقُّ صحة ذلك، فإن الله تعالى جعلَهَا كذلك بقوله: ({إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (٦٥)، وقال: {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} (٦٦) فرتَّبَ المخالفة ثلاثة أقسام، الكفر، ويتلُوهُ الفِسق، وأدْوَنُ ذلك العصيانُ.

وقال عليه الصلاة والسلام: "الكبائرُ سَبْعٌ"، والقواعد تشهَدُ لهذا، فإنَّ مَا عظُمَتْ مفْسدته ينبغي أن يُسمى كبيرةً، تخصيصا له باسمٍ يخُصُّهُ.

وعلى هذا نقول: الكبيرةُ ما عظُمَت مفسدتها، والصغيرة ما قلّتْ مفسدتها، فيكون ضابط ما ترَدُّ به الشهادةُ أن يُحْفظ ما وردت به السُّنَّةُ أنهُ كبيرة، فيلَحَقُ به ما في معناه، وما قصر عنه من المفسدة لا يقدح في الشهادة. وكذلك أيضا يُنظَر إلى ما ثبت له منْ الشرع أنه صغيرة كالقُبلة، فما كان في معناها أثْبِتَ له حكم الصغيرة إلا أنْ يُصِرَّ عليها، ثم ينضبط الإِصرار المصَيِّرُ للصغيرة كبيرة، قال بعْض العلماء: متى حصَل من تكرارها مع البقاء على عدم التوبة ما يوجب عدم الوثوق به في دينه، وإقدامُه على الكذب في الشهادة، فاجعَلْ ذلك قادحا، وما لا فلا.

قالوا: وكذلك الأمور المباحة إذا حصل بها عدَمُ الوثوق به في دينهِ قدَحَتْ، وإلا فلا.


= وأما المعاملات فتحصُلُ مصالحها التي بُذِلَتْ الأعواض فيها بمسمى حقائق الشرع والشروط، بل التزام غير ذلك يؤدي إلى كثرة الخصام ونشر الفساد وإظهار العناد.
قال: ويلحق بتحرير هاتين القاعدتين الفرقُ بين قاعدة الصغائر وقاعدة الكبائر، والفرق بين قاعدة، الكبائر وقاعدة الكفر، والفرق بين أعلى رتب الصغائر وأدْنى رتب الكبائر.
(٦٥) سورة النساء، الآية ٣١.
(٦٦) سورة الحجرات: الآية ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>