للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحيوانُ كلي للإنسان، والإنسان جزئيٌّ له، ثم هذا الجزئي قد يكون كلّياً باعتبار الأشخاص الذين تحته، وذلك زيد وعمْرو وغير ذلك فإنها جزئيات له. فالجزئي قسمان: الشخص، وهو جُزئي بإطلاق، والنوعُ جزئي كُلِّي باعتباريْن كما تقدم، وهذا هو معنى قول العلماء: الجزئي يقال على الشخص، وعلى كل أخَصَّ تحت أعمّ.

ثم الأول جزئىٌّ عقلي، والثاني جزئىٌّ إضافي. ويقولون أيضا: اللفظ المفردُ إمَّا أن يمْنَعَ نفسُ تصور مفهومه من الشركة وهو الجزئي، أوْ لا يمنعُ وهو الكلي، وهذا بيان للجزئي الحقيقي، والكلي هو المقابل له كما قلناه.

فإذا تقرر هذا قلنا: اللفظ الدال على الكل دالٌّ على أجزائه في الأمر والثبوت من الخبر، بخلاف النهي، والنفي من الخبر، فإذا أوجب الله ركعتين فقد أوجبَ ركعة، وإذا أخْبِرْنا أن زيدًا له نصاب فقد أُخْبِرنا أن عنده عَشَرةَ دنانير، وإذا نَهى الله عن الصُّبْح أن تُصَلى ثلاثَ ركعات لَمْ ينهَ عن ركعتيْن، وكذلك إذا قلنا: ليس عنده نصاب، لا يلزم أنهُ ليس عنده عشرة دنانير. والسبب في ذلك أن النفي والنهي جاء لِإعدام الحقيقة، وعدم الحقيقة يتصور بفرد واحد من أجزائها، كما يتصور بجميع أفرادها، والأمر والثبوت جاء لطلب الحقيقة وإيجادها، وإنما توجد بجميع أجزائها.


= الأولى تحقيق الجزئي ما هو، وله معنيان ... ، والثانية بيان الجزء، وهو الذي لا يعْقَلُ إلا بالقياس إلى كُلٍّ، فالكل مقابلٌ للجزءِ، والكلي مقابل للجزئي .... ، وها هنا قاعدة وهي أَن اللفظ الدال على الكل دال على جرئه في الأمر وخَبَرِ الثبوت، بخلاف النهي وخبر النهي، فإذا أوجب الله تعالى ركعتين فقد أوجب ركعةً، وإذا قلنا: عند زيد نصاب فعنده عشرة دنانير ... الخ
وقد علق الفقيه المحقق قاسم ابن الشاط رحمه الله على هذه القاعدة عند القرافي بقوله: ما قاله في هذه القاعدة غير صحيح، بل اللفظ الدال على الكل دال على جزئه مطلقا، ثم قال ابن الشاط معلقا على التمثيل بركعة ركعتين: "إن أراد، فقد أوجب ركعة منفردة فممنوع، وإن أراد فقد أوجب ركعة مقارنة لأخرى فمسَلَّمٌ. اهـ .. وإن أراد فعنده عشرة دنانير منفردة فممنوع، وإن أراد فعنده عشرة دنانير مقترنة بأخرى فمسَلَّمٌ. اهـ. وكلام شهاب الدين القرافي رحمه الله في هذه القاعدة يَعْطي وضوحا وبيانا أكثر لِما عند الشيخ البقوري في أولها.

<<  <  ج: ص:  >  >>