للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: يشكل هذا بأن الركعة في الصبح هي ذات أجزاء اشتملت عليها كالقيام والركوع والسجود والقراءة والدعاء، فيلزَمُ أن يكون الكل من الأجزاء واجبا. ومعلومٌ أن الصلاة المحكوم عليها بالوجوب اشتملت على مفروض ومسنون وفضيلة.

ثم اللفظ الدال على الكلي، قال شهاب الدين، لا يدل على جزئي من جزئياته مطلقا من غير تفصيل، بل إنما يفهم الجزئي من أمر آخر غير اللفظ. فإذا قلنا: في الدار جِسم، لا يدل على أنه حيوان.

قلت: هذا الكلام في الجزئي والكلي يظهر منه أن هذا بحسب الأمْرِ والنهى، وبحسَب الثبوت والنفى. وليس كذلك، فإنَّكَ إذا قلت: ليست في الدار حيوان فقد دلَّ على أنهُ ليس فيه جميع الجزئيات، لأنه إذا انتفى الأعَمُّ انتفى الأخصُّ، كما أنك إذا قلت: عندهُ نصاب، فقد أخبرت بأن عندهُ عشرة وخمسة وجميع الأجزاء. والذي يظهر لي منه أنه أراد أن دلالة اللفظ على الأجزاء تضمُّنيَّةٌ، وعلى الجزئيات لزومية، وكيف كانت فهى لفظية، وإنما الفرق من حيث إن دلالة اللزوم ما دَلَّ اللفظ عليها بالوضع وإنما دل عليها بالعقل. والوضعية هي المطابقة، والتضمُّنية مختلف فيها، قيل: هي عقلية، وقيل: وضعية (٦٩).


= وقد سبق لنا أثناء الكلام على القاعدة الأولى من قواعد الخبر، تعليق في بيان الكل والجزء، والكلي والجزئي، والكلية والجزئية يبُين ويوضح مدلولات هذه الكلمات ومصطلحاتها عند علماء الأصول والمنطق بما يجْعلها جلية واضحة ومفهومة في هذا القاعدة أكْثرَ.
(٦٩) سبق تعريف كل منها عند علماء الأصول والمنطق، فدلالة المطابقة: هي دلالة اللفظ على تمام معناه كدلالة الإنسان على الحيوان الناطق، ودلالة زيد على شخص معين أو ذات معينة، ودلالة التضمن هي دلالة اللفظ على جزء معناه كدلالة الإنسان، على الحيوان فقط أو على الناطق فقط، ودلالة الالتزام هي دلالة اللفظ على أمر خارج عن معناه، لازم له ذِهْنا، كدلالة الأسد على الشجاعة.
وقد جمعها ناظم متن السلم في علم المنطق، الشيخ الأخضري رحمه الله فقال:
دلالة اللفظ على ما وافقه ... يدعونها دلالةَ المطابقة
وجزئه تضمُّناً وما لزم ... فهو التزامٌ إن بعقل التُزم

<<  <  ج: ص:  >  >>