للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الأولى، قال: تقدَّمَ لنا إن الإنسان لا ينوِي فعْل غيْرِه وإنما ينوى فعل نفسه، ونحن في الصلاة ننوي فَرْضها أَو نَفْلها، والنقلية أو الفرضية ليستْ كسبنا، وانما هي أحكام ورَدتْ علينا، لا دَخل لنا فيها.

فأجاب رحمه الله بأن قال: النية تعلقتْ بعَيْن الكتَسَب لِتَعُودَ للكاسب، أما استقلالا فَلَا. (١٦) قال: وبهذا نجيبُ عن كون الإِمام ينوي الإِمامة في الجمعة، مع أن فِعْل الامام مساوٍ لفعل المنفرد.

وإذا كان كذلك فهو نية بلا مَنْوي إذا قلنا: متعلق النية كونه مقتدى به، وهذا، وإن لم يكن من فعله، لكن صحتْ النية تبعا لما هو من فعله. (١٧)

المسألة الثانية: النية لا تحتاج إلى نية، قال جماعة من الفضلاء: لئلا يلزَم التسلسل، ولا حاجة إلى التعليل بالتسلسل، بل النية هي صورتها كافية في تحصيل


(١٦) كذا في النسختين: ع، وح. والذي في نسخة الفروق المطبوعة قوله: "والجواب عنه أن النية تتحلق بغيْر المكتَسَب تبعًا للمكتسِب، وبهذا نجيب عن سؤال صعب هو إلخ ...
وهذه المسألة المجاب عنها تتضح عند القرافي أكثر مما هي عند البقوري في هذا الاختصار، حيث قال القرافي رحمه الله:
تقدم أن الإِنسان لا ينوي إلا فعل نفسه وما هو مكتسَبٌ له، وذلك يُشكل بأننا ننوي الفرض والنفل، مع ان فرضية الظهر ونفلية الضحى ليستا من فعلنا ولا من كسبنا، بل حكمان شرعيان، والأحكام الشرعية صفة الله تعالى وكلامه ليست مفوضة للعباد، فكيف صحت النية في الأحكام؟ والجواب عنه ان النية ... الخ.
(١٧) علق ابن الشاط على كلام القرافي في هذه المسألة بقوله:
قلت: أليس تعيينه نفسه (اي الامام) للاقتداء به، وتقدُّمُهُ لذلك، من فعله؟ فذلك هو متعلق نيته، وسَهلتْ الصعوبة، والحمد لله.
وهو بذلك يشير إلى كلام القرافي السابق، حيث قال: وبهذا نجيبُ عن سؤال صعب، وهو أن النية تتعلق بغير المكتسَب تبعا للمكاسب اهـ. فعلّق عليه ابن الشاط بما سَبق من التعقيب والتصويب.

<<  <  ج: ص:  >  >>