للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصلحتها، لأن مصلحتها التمييز وهو حاصل بها، قصد ذلك أو لم يقصِدْ (١٨)

قلت: الأولى أن يقال: هو من القِسم الذي لا تصح فيه النية، كالنظر الأول إلى إثبات الصانع كما قلنا أولا، لا كما قال شهاب الدِّين رحمه الله في رده على الفضلاء، فانظره، والله أعلم.

المسألة الثالثة: الذي ينوي فرض صلاة الظهر خرج له سُنَنُ الظهر فلا يثاب عليها، وهذا لم يقلْهُ أحَدٌ، فإن قلنا: ينوي ما في الظهر من فرض الفرضية، وما به منْ سُنةٍ فينويهِ هو أيضا، لم يَقُلْ به أحد.

فأجاب بأن النية المجملة من حيث الفرضية عَمَّتْ الفروض والسُّنّنَ، وانسحبَتْ على ذلك إجماعا فلا تحتاج إلى تفصيل. (١٩)

قلتُ: يُوهِمُ كلامُهُ أن الإِجماع رفَع هذا الاشكال، ووجَبَ الانقيادُ له على ما هو الأمر عليه، وليس كذلك. فالفرض توجَّه نحو هذا المجموع من حيث هو مجموع، ثم ذلك المجموع له أجزاء، بعضُها فرائضُ، وبعضها سُنَنٌ، وبعضها فضائلُ، والنية متَوجِّهَة نحو المجموع الذي سمِّيَ بالظهر أو غيره من الأسماء. (٢٠)

قلت: ومن تَمام هذِهِ القاعدة أن نبيّن الفرقَ بين ما تتوزَّع فيه النية فتصحُّ وبين ما لا يصح إذ ذلك (٢١) فنقول:


(١٨) علَّق ابن الشاط على هذه المسألة عند القرافي بقوله:
لقائل أن يقول: لا يلْزَمُ التسلسل، لأنه إذا نوى إيقاع صلاة الظهر مثلا لابُدَّ أن ينوي امتثال أمر الله تعالى في ايقاع الصلاة منوية، فإن النية في الصلاة مشروعة شرطاً في صحتها، ولم يشرع له ان ينوى نية امتثال حتى يلزم التسلسل، وعلى ذلك لا يصح قوله: "النية لا تحتاج إلى نية، والله أعلم".
(١٩) علق الفقيه ابن الشاط على هذه المسألة عند القرافي بقوله: ما قاله فيها صحيح.
(٢٠) أقول: وتعقيب الشيخ البقوري رحمه الله، وتصويبه هذا يبدو دقيقا ووجيها، والله اعلم.
(٢١) في نسخة ح: فيصح بالياء في الفعلين، على أن الضمير يعود على ما، وهو أظهر، على اعتبار أن الصحة وعدمها تتعلق بما تتوزعه النية، لا بالنية نفسها.

<<  <  ج: ص:  >  >>