للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجْرَوْا الخلاف على أنه يكمل كل عضو بالفراغ منه ويَرْتْفع حدثه أو حتى يتم الجميع؟

وردَّ عليهم شهاب الدين في هذا من حيث إن الحدث الذي يصح رفعُه هو المنْعُ من الصلاة وما أشبهها، لا الأسبابُ التي توجب الوضوء كالبول والغائط، فإنها لا يصح رفعهَا (٣٦)، فإذا كان كذلك فالمنع ليس متعلقا بالأعضاء حتى يقال هذا الذي قالوه، وإنما هو متعلق بالمكلف.

ثم قال: فإن قيلِ: فلِمَ لا يجوزُ أن يكون يرفَعُ المنعَ (٣٧) عن المكلف باعتبار لبس الخف خاصَّةَ ويبقى المكلف ممنوعا من الصلاق كما قيل في الوضوء يرفع الجنابة باعتبار النوم خاصة، فتكون القاعدة كالقاعدة؟

فأجاب بأن القول بأن الوضوء يرفع الحدث الأكبر باعتبار النوم خاصةً، سببه الحديث الوارد، وهذه الامور تعبدية، والأمور التعبدية لا قياس فيها. فالقول برفع الحدث عن كل عضو، باطل، وانما يصح لو ثبتتْ الاباحة عقِبَه، لكن المنعَ باق إجماعاً، فالحدث باقٍ.

فظهر أن المنع متعلق بالمكلف لا بالأعضاء، لأجْل ذلك لا يصح شيء من هذه القاعدة، أعني قاعدة الخُفِّ.

ويظْهر لك أيْضا بطلان قول من يقول: التيمُّم لا يرخ الحدث، من حيث إن الحدث، المراد به المنعُ من الصلاة، والمنع متعلق بالمكلف لا بالأعضاء، ولا


(٣٦) فالحدث كما قال القرافي، له معْنيانِ: أحدهما الأسباب الوجبة له (اي للوضوء والغسل) كالخارج من السبيلين ونحوه على وجه العادد. وثانيهما المعْنى المرَتَّبُ على هذه الأسباب، يسمى حدثا ايضا، وهو حكم شرعي يرجع إلى التحريم الخاص بالإِقدام على الصلوات ونحوها، فهذا المنع يسمى حدثا ايضا، وهو الذي يقول الفقهاء فيه: إن المتطهر ينوي رفع الحدث، أي ينوي بفعله، ارتفاع ذلك المنع، والمنعُ قابل للرفع، كما يرتفع تحريم الاجنبية بالحقد، وتحريم المطَلَّقة بالرجعة، وتحريمُ الميتة بالاضطرار، وأما رفع تلك الفضلات الخارجة من السبيليْن فمتعَذر. اهـ.
(٣٧) في نسخة: لِمَ لا يجوزُ أن يكون يرتفع المنع عن المكلَّف.
والعبارة كما في كتاب الفروق: فإن قلت: فلِمَ لا يجوز أن يكون غسْلُ الرِجْل يرتفع المنعُ به من المكلف باعتبار لبس الخف خاصة ... " الخ

<<  <  ج: ص:  >  >>