فإذا تكرر ذلك في جميع عمره كان كمن صام الدهر. والمراد بالدهر عمره إلى آخره، وبهذا يحصل المطابقة لا ازيدُ ولا أنقَصُ، وبالأزيدِ أكثرُ من الدهر، وبالأنقصِ أقلُّ من الدهر.
وعن الرابعِ أن صيام سنة لَا يعدل عند الله تعالى صيام شهر وستة أيام، فإنما معنى هذا الحديث أن صيام رمضان من هذه الأمة، وستة أيام من شوال يُشْبه من صام سنة من غير هذه، إذْ تضعيف الحسنات من خصائص هذه الأمة، وعلى هذا ما شبه إلا المثل بالمثل من غير زيادة ولا نقص.
وعن الخامس أنه لو قال - صلى الله عليه وسلم -: "فكأنه صام الدهر"، لكان بعيدا عن المقصود، فإن المقصود تشبيه الصيام في هذه المسألة - إذا وقع على الوضع المخصوص - بالصيام في غير هذه الملة، لا تشبيه الصيام بغيره، فلو قال: فكأنه، لكانتْ أداة التشبيه داخلة على الصّائم، فكان يلزم أن يكون هو محل التشبيه لا الصوم. والمقصودُ الفعل بالفعل، لا الفاعل بالفعل، وإذا قال: فكأنما وكفَّتْ بما، دخلت أذاة التشبيه على الفعل نفسه، ووقع التشبيه بين الفعل باعتبار الملتين.
وعن السادس أن المراد صوم الدهر على حالة مخصوصة لا الدهر كيف كان، وذلك أن صوم رمضان واجب، وصوم السِّتَّةِ مندوب، فيكون صوم الدهر إنما كان، من حيث إنَّ الستة التي تناسب الشهر، والسنَّةَ خمسة أسداسها فرض، وسُدسها، وهو الشهرانِ، نفل، فهذا هو المراد لا غيره.
وعن السَّابع أن السِت في هذا الحديث قد تقدمت حكمتها، وهي كونها يكمل بها السنة من غير زيادة ولا نقص.
وأما الستة في الآية، فقال بعض الفضلاء: الأعداد ثلانة أقسام:
عدد تام، وعدد زائد، وعدد ناقص.
والعدد التام هو الذي إذا اجتمعت أجزاؤه استقام منها ذلك العدد