للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامس: هل دخول مَا وسقوطها على السواء أم لا؟

السادس: صوم الدَّهر، المعتبر فيه على حالةٍ مخصوصة أو كيف كان؟

السابع: هل بين هذه الأيام الستة والأيام المذكورة في قوله تعالى:

{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} (١٠) فرق أم لا؟

الجواب عن الأول أن العرب تؤرخ بالليالي دون الأيام.

وعن الثاني: إنما قال: "من شوال"، رفقا بالمكلف، لأنه حديثُ عهد بالصوم فيكون عليه أسهل، وتأخرها عن رمضان أفضل عند المالكية، لئلا يطول الزمان فيلحق برمضان عند الجهال (١١). ويدل على حسن هذا النظر واعتباره، قولُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أصاب اللهُ بك يا ابن الخطاب"، لما قال لرجل صلى الفرض فقام ليتنفل عقِب فرضه: اجلس حتى تفصل بين فرضك ونفْلك، فبهذا هلك من كان قبلنا.

وقالت الشافعية: خصوص شوال مرادٌ، لما فيه من المبادرة إلى العبادة، لقوله تعالى: "سارِعوا" و"سابقوا".

وعن الثالث، أن مزية الستِ على غيرها من حيث إن شهرا بعشرة أشهر، وستة أيام بستين يوما، فمن فعل ذلك في سنة فهو بمنزلة من صام تلك السنة،


(١٠) الأعراف: الآية ٥٤، وسورة يونس: الآية ٣.
(١١) وفي ذلك قال أبو الوليد ابن رشد رحمه الله في كتابه: (المقدمات الممهدات): "فكرِه مالك رحمه الله ذلك، مخافةَ أن يُلحِق برمضان ما ليس منه أهل الجهالة والجفاء. وأما للرجل في خاصة نفسه، فلا يكره له صيامها، كما كره (أي مالك) أن يتعمد المرء صيام الأيام الغر (جمع أغر، وهي البيضاء)، وهي ثلاثة عشر، وأربع عشر، وخمسة عشر على ما روى فيها، مخافة أن يجعل صيامها واجبا. وعيت الأيام البيض لكون لياليها تكون بيضاء باكتمال البدر وإشراقه وسطوع نوره فيها.
وقد عبر عن ذلك الشيخ خليل بْنُ اسحاق المالكي، وأوجزه في عبارة مركزة من مختصر الفقهي للمدونة حيث قال: "وكره البيض كستة من شوال". (أي كره صيام الأيام البيض كستة من شوال".
وقوله هنا: لئلا يطول الزمان، تعليل وتوجيه لاُفضلية تأتيرها عن رمضان عند المالكية، وذلك بِوصل صيامها بعد إفطاره يوم العيد الذي يحرم صيامه، والشروع في صيام الأيام الست من شوال، في اليوم الثاني منه والثالث مثلا، لِمَا في ذلك مِنْ اتصال الصيام لها بعد رمضان، فيطول الزمان بالانسان. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>