(٨) كذا في نسخة ع، وفي نسخة ثالثة: التزكية، والذي في نسخة ح: البركة، ويظهر من خلال السياق والمعنى، أن كلمة البركة أنسب وأظهر وأصوب، بمعنى أن الصيام أصل البركة في العمل والكسب والطاعة، يفهم من قوله في آخر هذا السطر: "فالصوم مِلاك الخير كله". على أنه يكون لكلمة التزكية هنا مدلول ووجه خاص، وهي التزكية من الله تعالى لعبده المؤمن الصالح، والمكانة والحظوة التي ينالها عنده، على قدر نية العبدِ وإخلاصه في عمله وعبادته لربه وخالقه. فقد قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ}، وقال سبحانه: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}. وقال جل علاه: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}. (٩) ذلك أن العدد هنا مذكر، والفروض في معدوده أن يكون على عكسه مؤنثا، وهو الليالي. وَلَا يصح أن تكون مقصودة هنا، لأن الليالي ليست ظرفا ووقتا للصيام، وإنما ظروفه النهار، فكان يمكن أن يقال في الحديث: "وأتبعه بستة .. اي بستة ايام، وذلك تمشيا مع ما هو مقرر في فصيح وبليغ الكلام العربي بالنسبة للعدد مع معدوده، وقرره علماء النحو في القواعد اللغوية المطردة. والنبي - صلى الله عليه وسلم - أبلغ البلغاء وأفصح الفصحاء، أوتي جوامع الكلم وفصْل الخطاب. فكان الجواب السليم عن التساؤل واكتشاف سر ذلك التعبير النبوي هنا أن العرب تؤرخ بالليالي دون الأيام، والله أعلم وأحكم.