للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: للمنازع أن يقول: لا تقدير هنا، واعتبار ذلك الشرط ليس هو في السخال ولا في الأرباح، لقضاء عمر، أو يقول: قد وجد الشرط فيها محققاً، فإنه لما وجد في الأصل وجد فيها، ولا تقدير مع هذين الوجهين (٥).

ثم قال شهاب الدين رحمه الله: واختلِف في هذا التقدير بين ابن القاسم وأشهب والغيرة. فابن القاسم يقدر حالة الشراء لأنه سبب الربح، والسبب يستلزم مسببه. وأشهب يقدر يومَ الحصول لئلا يجمع بين تقدورين: تقدرِ الشراء، والأعيان التي حصلت له في الربح، والتقدر على خلاف الأصل، فيقتصر منه على ما تدعو إليه الضرورة. وعند المغيرة، التقدير يوم ملك الأصل لأنه السبب، وعلى هذه التقادير تتخرج مسألة الدونة: إذا حال الحول على عشرة فأنفق منها خمسة واشترى بخمسة منها سلعة فباعها بخمسةَ عشر:


(٥) السِخال بكسر الخاء جمع سخلة، وهي ولد الشاة، والسخل، يطلق على الضعيف من الشيء. قال القرافي هنا في أول كلامه على هذا الفرق مبينا المرادَ من قضاء عمر، المشار إليه هنا عند البقوري. والفرق عندنا عضده قول عمر ضى الله عنه للساعي (أي الجابي الجامع للزكاة ممن وجبت عليهم في الأنعام): عُدَّ عليهم السخلة يحملها الراعي ولا تاخذها. ومعناه أحسبها عليهم في النصاب الذي تجب فيه الزكاة من الضأن والمعز، وكذا البقر والابل، ولا تاخذها فهم لصغرها وضعفها). قال القرافي: والسخلة عين متمولة نشأت عن عين متمولة زكوية، كما نشأ الربح وهو عين زكوية عن عين زكوية، وهي أصله، فكما ضم أحدهما إلى أصله، وجعل حولا له، كذلك الآخر الذي هو الربح.
وقولنا زكوية، احترازا من أجر العقار فإنه لا يزكَّى، وان كان متمولا نشأ عن متمول، غير أنه زكوي، أعنى الأصل.
وهنا علق الفقيه ابن الشاط على هذا الكلام عند القرافي بقوله: مسألة المالكية القياس على السِخَالة كما ذكر، وللشافعية فروق، فيها نظر.
ثم قال القرافي: وها هنا قاعدة، وهي سِر الفرق بين الارباح والفوائد يحتاج اليها بعد تقرر الأحكام فيها، وهي أن صاحب الشرع متى أثبت حكما حالة عدم سببه أو شرطه، فإن أمكن تقديرهما معه فهو أقرب من إثباته دونهما، فإن اثبات السبب دون سببه، والمشروط بدون شرطه خلاف القواعد، كما أثبت الشارع الميراث في دية الخطأ، والميراث في الشريعة مشروط بتقدم ملك الميت على المال الموروث، قَدَّرَ العلماء رحمهم الله الملك في الدية متقدما على الموت بالزمن الفرد حتى يصح حكم التوريث فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>