للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنذكر هنا مسائل. (٢٠)

المسألة الأولى، لِمَ كان رَمْي الجمرة تحللا عن شيء دون شيء، وطوافُ الإفاضة تحللا أكبر، فنقول:

من حيث إن الإحرام يمنع القاء التفث والصيد، والطيبَ والنساء وسائر الترفهات، ثم إن رمْي جمرة العقبة ندِبَ المحرم فيه إلى القاء التفثِ وهو الحلاق، فلم يصِح أن يكون مندوبا إلى البعض دون البعض، فجاز له ذلك بأجمعه وما هو في بابه، وبَقِيَ الِإحرام على بابه فيما عدا ذلك، وهو المنع من الصيد والنساء والطيب حتى ياتي بالطواف.

المسألة الثانية، لم كان، إذا اختلطت هدايا رفقة فنحر كل واحد هدي صاحبه، أجزأ ذلك عن صاحبه، واذا اختلطت ضحايا قوم، فذبح كل واحد منهم أضحية صاحبه لم يُجْزِ، والكُلُّ فدية؟

فالجواب أن الهدي قد وجب بالتقليد والإشعار، (٢١) فأجْزَأ ذلك عن صاحبه متى نحَرَه غيرُه لأنه قد وجب، والأصحية لا تجب إلا بالذبح، فلم يجُزْ أن يذبحها غير صاحبها، لأنه يحتاج أن يقصد بها القربة حين الوجوب. فعلى ذلك أنه لو شاء بعد شراء الأضحية أن يبدلها بغيرها كان ذلك له، ولا يجوز له أن يبدل الهدي بغيره بعد التقليد، وفي الأضحية خلاف.


(٢٠) هذه المسائل مما أضافه الشيخ البقوري رحمه الله إلى هذا الفرق.
(٢١) التقليد والأشعار كلمتان تتعلقان بالهدي في الحج، وهو ما يُهْدَى من النعم إلى الحرم تقربا إلى الله تعالى، لينتفع به بعد الذبح الفقراء والمساكين في الحرم وغيره. قال الله تعالى في سورة الحج: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} وهذا الهدي (ما أن يكون واجبا أو مستحبا كما هو مفصل في كتب الفقه:
والتقليد هو أن يُجْعَل في عنق الهدْي قطعة جلد ونحوها ليُعرف بها أنه هدى، والإشعْار مصدر أشعر بمعنى أعلم - وأخبر، والراد به في هدي الحاج ومعناه أن يُشق احد جنبي سنام البدنة أو البقرة إذا كان لها سَنام (أي ذروة) حتى يسيل دمها، ويجعل ذلك علامة على كونها هديا، فلا يتعرض لها بشيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>