للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعُزّى وما يُعبَد من دون الله حرام، وقد يكون كُفْرا. والحلف بما عدا ذلك مكروه

كالحلف بالآباء لنهيه عليه الصلاة والسلام عن ذلك.

وقال أبو عمر: ذلك ناسخ لقوله عليه الصلاة والسلام. أفْلَحَ -وأبيه- إن صدق.

ومن المكروه، الحلف بالرسول عليه الصلاة والسلام أوْ بالكعبة. وقال الشيخ أبو الحسن اللخمي: الحلف بالخلوقات كالنبى عليه السلام ممنوع، فمن فعل ذلك استغفر الله تعالى.

ثم من الناس من قال: لا يقع الحلف إلا بالله تعالى فقط، لقوله عليه الصلاة والسلام: "من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت" (٤). وقيل: يجوز بسائر الصفات العنوية وسائر الأسماء التي له عز وجل.

قلت: ويدل على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "والذي نفسُ محمد بيده"، فكثيراً ما يحلف بها.

وقال شهاب الدين رحمه الله: والمشهور، الجواز واللزوم للكفارة في ذلك كله إذا حنث، وقاله أبو حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل رضي الله عنهم أجمعين.

وروى عن مالك الكراهة في: لَعَمْرُ الله، وأمانة، الله، وأن الحلف بالقرآن والمصحف ليس بيمين، ولا كفارة فيه. وقال صاحب الجواهر: لا يجوز الحلف بصفات الله تعالى الفعلية كالرزق والخلق، ولا تجب فيه كفارة.


(٤) تمام هذا الحديث من أوله عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أدرك عمر رضي الله عنه في ركبٍ وهو يحلف بأبيه، فناداهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا إن الله عز وجل يهام أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت، قال عمر: فوالله ما حلفت منذ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها، اي ما حلفت بآبائي ذاكرا لها من قبل نفسي، ولا آثرا لها، أي حاكيا لها عن غيري بشيء. اهـ. وذلك أن الصحابة رضوان الله كانوا إذا امرهم الله ورسوله بشيء أسرعوا إلى امتثاله والعمل به، واذا جاء النهي من الله ورسوله أسرعوا وبادروا إلى هجر وترك ما وقع النهي عنه، وكان ذلك شأن السلف الصالح والخلف الصالح في كل جيل، بامتثال أوامر الله ورسوله واجتناب نواهيما كما جاء بها القرآن الكريم، وصحت بها السنة عن النبي المصطفى الأمين، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.

<<  <  ج: ص:  >  >>