للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا تقرر القسم المختلف فيه، فهل يجوز أن يَشْترِك معه غيره بأن يُقسم عليه ببعض مخلوقاته كأن يقول: بحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا غفرت لنا، أو يمتنع، لأنه قَسَمٌ وتعظيم بالقسم لغير الله. وقد توقف في هذا بعض العلماء، ورجح عند بعضهم. التسوية بين الحلف بغير الله وبين الحلف على الله تعالى بغيره، وقال: الكل قسم وتعظيم.

وما وقع في القرآن من القسم بغيره جل وعلا فقد يقال: ذلك على حذف مضاف، وقد يقال: قد يجوز له تعالى في هذا الباب الشيء الذي نمنع نحن منه. (٥)

فإن قلت: (٦) إذا صحّ الحلف بصفاته المعنوية (٧) فهل القرآن من ذلك القبيل، وكذلك التوراة والانجيل وسائر الكتب أمْ لا؟ .

قلت: قال أبو حنيفة: لا، لاشتهار هذه الأسماء على الأصوات المسموعة عُرفا، وذلك مخلوق، والحلف بالمخلوق منهي عنه، لا تجب فيه كفارة. وأوجَبَ مالك في ذلك الكفارة لانصرافه عنده إلى الكلام النفساني القديم، ورُوي عن مالك مثل قوْل أبي حنيفة، قال شهاب الدين: وهو الأرجح.


(٥) عبارة القرافي: تقدوره: اقسم برب الشمس والليل، والضحى، والتين والزيتون، فما وقع الحلف إلا بالله تعالى دون خلقه، ومنهم من قال: إنما اقسم الله تعالى بها تنبيها لعباده على عظمتها عنده فيعظمونها، ولا يلزم من الحجر على الخلق في شيء أن يثبت الحجر فى حقه تعالى، فإنه الملك المالك على الإطلاق، يأمر بما يشاء ويحكم ما وريد، من غير اعتراض ولا نكير، فيحرم على عباده ما شاء، ولا يحرم شيئا من ذلك عليه سبحانه. (فهو الخالق لكل شيء، وله الأمر والتدبير والله المعين.
(٦) هذا التساؤل والجواب عنه هو من كلام القرافي رحمه الله، وليس من كلام اليقوري رحمه الله، ولا من اضافته وتعقيبه، كما قد يتبادر، جَرْيا مع عمله ومنهجه في هذا الترتيب والاختصار للفروق.
(٧) في تعليق بكتاب الفروق العبارة الاتية: "المعروف صفات المعاني). ومعلوم ان علماء التوحيد والكلام رحمهم الله فرقوا بين صفات المعاني، والصفات المعنوية، فالأولى هي: القدرة والإرادة، والعلم والحياة والسمع والبصر والكلام، والمراد بالثانية: كونه تعالى قادرا ومريدا وعالما وحيا وسميعا وبصيرا ومتكلما. وتفصيل ذلك مذكور ومعروف في كتب التوحيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>