للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال (٨): إعلم أن الألفاظ انقسمت باعتبار هذا المطلوب ثلاثة أقسام: قسم علم أن مدلوله قديم كلفظ الله ونحوه، وقسم علم أن مدلوله حادث كلفظ الكعبة ونحوها (٩) وقسم مشكل، وذلك سبعة ألفاظ:

الأول: أمانة الله، فمن حلف بها جاز، ولزمته الكفارة بها إذا حنث، لأن أمانته تكليفه، وهو أمرُه ونهيه بالكلام النفسي وهو قديم.

ومنه قوله تعالى: "إنا عرضنا الأمانة" الآية. وهذا الدلول كان عرْفا. فلو جاء عرف آخر بحيث يكون هذ اللفظ يحمَل على الأمانة الحادثة لا على القديمة، أو كاشا النيةهي التي أثرت ذلك لا متنع الحلف وسقطت الكفارة.

الثاني عمر الله، ولعَمْرُ الله، ومعناه البقاء، وبقاء الله تعالى استمرار وجوده مع الأزمان، ووجود ذاته تعالى قديم، يجوز الحلف به، وتلزم به الكفارة. (١٠)

الثالث: عهد الله، قال مالك: يجوز الحلف به، ويلزم به الكفارة. وأصل هذا اللفظ في اللغة الالزام والالتزام. قال تعالى: "وأوْفُوا بعهدي أُوفِ بعهدكم" (١١) معناه أوْفوا بتكاليفي أُوفِ لكم بثوابي الموعودِ به على الطاعة، (١٢)


(٨) قوله هذا هو موضوع الفرق الخامس والعشرين والمائة بين قاعدة ما مدلوله قديم من الالفاظ فيجوز الحلف به، وبين قاعدة ما مدلوله حادث فلا يجوز الحلف به، ولا يحب به كفاز. جـ ٣. ص ٢٩.
(٩) قال القرافي: فهذان القسمان لا يقصدان بهذا الفرق لوضوحهما. وعلق عليهما ابن الشاط لقوله: ما قاله القرافي في ذلك صحيح.
(١٠) قال القرافي عن القسم الثالث "وقسم مشكل على أكثر الطلبة وهو المقصود بهذا الفرق، وهو سبعة لفاظ: أماتة الله تعالى، والثاني عَمْر الله ولعمر الله الخ .. وعلق ابن الشاط على هذين المثالين وما جاء ما عند القرافي. فقال: ما قاله في ذلك صحيح.
(١١) سورة البقرة: الآية ٤٠.
(١٢) قال القرافي هنا: ومنه العهدة في البيع، أيْ ما يلزَم من الرد بالعيب وردّ الثمن عند الاستحقاق، ومنه قوله تعالى: "والوفون يعهدهم إذا عاهدوا"، أي بما التزموه، ومنه عهدة الرفيق اي ما يلزم فيه، وهو كثير في مواد الاستعمال. فعهد الله الزامه لخلقه تكاليفه، والزامه أمره ونهيه، وأمره ونهيُهُ كلامه القديم، وصفته القديمة يجوز الحلف بها كما تقدم على الخلاف في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>