للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر شهاب الدين ها هنا شيئاً فقال:

إن قائلا إذا قال: والعِلْمِ والقدرةِ، يشمل هذا الحلفُ القديمَ والحادِث، لأن الالف واللام للعُموم، قال: وكذلك إذا قال: وعِلمِ الله وقدرة الله، لِأن العموم يكون معَ الاضافة كما يكون مع الألف واللام، فقال: فيصلح أن يقال: إذا اجتمع ما يوجب الكفارة وما لا يوجبها ألغي ما لا يوجبُ، وترتبتْ على ما يوجبها، لكنه يبقى لنا حينئذٍ أنَّ ذلك الحلفَ هو ممنوع من وجه من حيث وقع بالحادث، جائزٌ من حيث وقعَ بالقديم. قال: فيمكن أن يقال: قرينَة القسَم أخرجت الحادث، وبقي اللفظ منطبِقا على القديم فقط.

وقال - هنا -: إن النكرات، منها ما لا يصدق إلا على واحد منهم، ومنها ما يصدق على كثير، فالألف واللام لا يعُم، وكذلك الإضافة، وهذا نحو العبد وعبدي، وما يصدق على الكثير نحو مال، الألف واللام في هذا للعموم، وكذلك الإضافة، قال: فيحمل قول الأصوليين: الألف واللام، والإضافة في اسم


= وقد علق ابن الشاط على هذا الكلام عند القرافي بقوله: ما قاله من أن خلاف مالكٍ وأبي حنيفة إنما هو في تحقيق مَنَاط، وهو: هَلْ في لفظ القرآن عرْفٌ أن الراد به الصفة القديمة أمْ لَا؟ ، ليس الامر عندي كما زعم بل العرف في الاستعمال أن المراد به الحادث، وذلك مستند أبي حنيفة، ولكن قرينة القسم صرفت اللفظ إلى أن المراد به الأمر القديم، وذلك مستند لمالك، والله تعالى أعلم.
فخلافهما في تحقيق مناط، لكن من غير الوجه الذي ذكر. ومما يدل على ذلك تسوية مالك بين لفظ القرآن والصحف والتنزيل والتوراة والانجيل، مع أن العرف فيها أن المراد بها المحدث.
وإنما نقلت كلام القرافي وابن الشاط في هذه المسألة لأنها مسألة هامة ودقيقة بحثها علماء الأصول والكلام، ولأن هذا النقل يلقى ضوءا عليها، ويستبين بها المرء وجهة نظر كل من الامامين فيها: الامام أبي حنيفة والامام مالك، ومن أخذ برأي كل واحد منهما من سلف من العلماء وخلفهم، رحمهم الله ورضي عنهم أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>