للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك الماكول لم يلفظ به، فلا يجوز دخول النية فيه، لأنه مدلول التزامي (٧٥). واحتجوا بأشياء.

منها أن الاستقراء دل على أن النية لا تدخل إلا فيما دل اللفظ عليه مطابقة. واعتبار النيات في الألفاظ أمر يتبع اللغة، فكما لا تجوز النية في صرف أسماء الأعداد لغة، كذلك هنا هنا لا يجوز لغة.

واحتج المالكية والشافعية بأشياء:

منها أنا أجمعنا على ما إذا قال: والله لا أكلت أكلا، أنه يصح أن ينوي بعض المآكل ويخرج البعضَ بنيته، مع أن أكلا مصدر، وأحمع النحاة على أن التصريح به بعد اللفظ بالفعل إنما هو للتأكيد نحو ضربت ضربا، والتأكيد - حقيقة - تقوية المعنى الأول من غير زيادة، وإلا كانت الأحكام الثابتة معه ثابتة قبله، والثابتُ معه اعتبار النية، فالثابت قبله اعتبار النية وهو المطلوب.

ومنها أن النية اعتبرت في المطابقة إجماعا مع قوة المعارض، فأولى أن تعتبر مع ضعف المعارض في دلالة الالتزام بطريقة الأولى. وإنما قلنا: إن المطابقة أقوى معارضة للنية، لأن المطابقة هي الأصل المقصود بوضع اللغة، وغيره إنما يفيده اللفظ تبعا لها، والأصل أقوى من التابع.

ومنها أن قالوا: وجدنا الاستثناءات في لسان العرب دخلت على العوارض الخارجة عن المدْلولِ المطابق واللازمِ، ولفظ الاستثناء إنما هو فرع عن إرادة المعنى الذي لأجله سيق الاستثناء، فإن اللفظ تبع لإرادة المعنى، فإنه يقصد به إفهام


(٧٥) قال ابن الشاط هنا: ما قاله الحنفية في أثناء احتجاجهم من أنَّ تناول اللفظ إنما هو محقق في المطابقة والتضمن ليس بصحيحٍ، لأن دَلالة الالفاظ ليست عقلية، بل هي وضعية، ولم يوضع لفظ المسجد إلا لجملته لَا لجملتِهِ وبعضه، وهو السقف مثلا، والا لكان ذلك اللفظ مشتركا، وليس الكلام المفروض إلا على تقدير أن لفظ المسجد لم يوضع للسقف .. الخ

<<  <  ج: ص:  >  >>