للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينها على ما تشتهيه نفسه وتلذ عينه. وقد صح أن الله أعد للمجاهدين في سبيله مائة درجة، بيْنَ كل درجتين مائة عام (٢٠).

ولو آمن انسان قبل موته بلحظة لم يكن أجْرُهُ كأجر إيمان من آمن قبل موته بيوم، ولا أجر من آمن قبل موته بيوم كأجر من آمن قبل موته بشهر، ولا أجر من آمن قبل موته بشهر كأجر من آمن قبل موته بعام، فليس من طال عمرهُ في الطاعات والايمان كمن قصَر، ولهذا قال عليه السلام: "خيركم من طال عمرهُ، وحسُن عمله" (٢١). وقال: "لا يتمنين أحدُكم الموتَ لضر نزل به، فإنه لا يزيد أحدَكم عمرُهُ إلا خيرًا، إما محسنٌ يزداد، وإما مسئ فيستعتب" (٢٢) ولمثل هذا


(٢٠) ونصه بتمامه: عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال؛ : "من آمن بالله ورسوله وأقام الصلاة وصام رمضان، كان حقا على الله أن يدخله الجنة، جاهدَ في سبيلِ الله أو جلس في أرضه التى وُلد في. فقالوا يا رسول الله، أفلا نبشر الناس؟ قال: إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والارض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، وأراه قال: وفوقه عرش الرحمان، ومنه تتفجر أنهار الجنة" .. رواه البخاري والترمذى رحمهما الله.
(٢١) أخرجه الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي في كتابه الجامع الصغير نقلا عن المستدرك للحاكم، وَروايةً عن جابر ضى الله عنه بصيغة الجمع هكذا: خياركم أطولكم أعمارا، وأحسنكم أعمالا. وفي رواية أخرى للسيوطي عن الإمام البزَّار من رواية أبى هريرة رضى الله عنه: "خياركم أطولكم أعمارا، وأحسنكم أخلاقا .. " رحم الله جميع أهْل السنة والعلم والفقه في الدين، وجزاهم خيرا عن الإسلام والمسلمين.
(٢٢) أخرجه الإمام أحمد بن حنبل والبخارى، والنّسائي، روايةً عن أبى هريرة رضى الله عنه، وذكره في الجامع الصغير بهذه الصيغة: لا يتمنيَنْ أحدكم الموت، إما محسنا فلعله يزداد، وإما مسيئا فلعله يستعتب .. والملاحظ أن صيغة الحديث في ثنايا الكتاب جاءت في كلمة محسن ومسئ مرفوعة، وفي هذه الرواية جاءت منصوبة، فالأولى خبر لمبتدأ محذوف، والثانية خبر لكان المحذوفة مع اسمها.
ومن القواعد والأحكام النحوية الخاصة بكان أنها تحذف أحيانا ويبقى اسمها وخبرها، أو تحذف مع اسمها، ويبقى خبرها فقط، وخاصة بعد إن ولو، كا أنها قد تكون زائدة وسط الكلام، مثل زيادتها بين ما وفعل التعجب، وهو ما أشار إليه ابن مالك رحمه الله في ألفيته بقوله:
وقد تزاد كان في حشوك ما ... كان أصحّ علمَ من تقدما
ويَحذفونها ويُبقون الخبر ... وبعد إن ولو كثيرًا ذَا اشتهرْ
وبعد أن تعويضُ ما عنها ارتُكِب ... كمثْلِ أمّا أنتَ بَرًا فاقترب
ومنه البيت القائل:
أبا خراشة أنا أنت ذَا نفر ... فإن قومي لم تاكلهم الضبع
أي ما أصح علم من تقدما، ولا تخيفني ولا تفزعني لأن كنت ذا نفر وقوم، فإن قومي موجودون وحاضرون لم تأكلهم السباع، ولم تذهب بهم آفة من آفات الزمان، بل هم حاضرون أقولاء للنجدة في كل وقت وحال.

<<  <  ج: ص:  >  >>