للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقرر فيها ما يُلحَقُ فِيهِ الولد بالواطيء (٢٦) فأقولُ:

إنَّ الفقهاء يقولون: لا يُلْحَقُ الولد بأقلَّ من ستةِ أشهر، ومرادُهم بذلك لا تتم خِلقة الولد ويولد تامّا لأقلَّ من ستة أشهر، إذْ لو ظهر حمل بامرأةٍ مع زوجها فأسقطته لأقلَّ من تلك المدّة لَلَحِقَ بأبيه، وهذا لاخفاء به أنهم يريدون به هذا المعنى.

ثم ما ذكره الفقهاء من أنه لا يكْمُلُ خَلْق الولد لأقلَّ من هذه المدة، سببه ما ذكره ابن جميع وغيرُه فى التحدث عن الأجنة، قالوا: إن الجنين يتحرك لمثل ما تخلَّقَ فيه ويوضع لمِثْلَي ما تحرَك فيه، قالوا: وتخلُّقُهُ في العادة، تارةً يكون لشهر، وتارة لشهر وخمسةِ أيْام، وتارة يكون لشهر ونصف، وتارة يكون لشهر ونصف، فَيُولَد بعضُ الأولاد لهذا على رأس ستة أشهر، وبعضٌ على سبعةِ أشهر، وبعض على تسعةِ أشهر، ومَا وُلد لثمانية أشهر لا يعيش.

ثمّ قد يطرأ طارئ ويَعْرِض عارض من جهة المَنِيِّ في مزاجه أو في الرحم يَمنع من جريان هذِه العادة فيتأخر الولد إلى عام وإلى عامين وإلى أكثر، وهو قول الحنفية، وإلى أربعة أعوام وهو مشهور مذهب الشافعية، أو إلى خمس سنين وهو مشهور مذهب المالكية، وجاء عن مالك والشافعي إلى سبعة أعوام.

قال شهاب الدين - رحمه الله:

ومعنى قول النبي عليه الصلاةُ والسلام: "يُجْمَعُ أحَدُكم في بطن أمّه أربعين


(٢٦) كذا في كلٍ من نسخة الخزانة العامة بالرباط، المشار اليها بحرف (ع)، ونسخة الخزانة الحسنية المشار إليها بحرف الحاء (ح)، وفي نسخة ثالثة من المكتبة الوطنية بتونس، وهي المشار إليها احيانا بحرف (ت): "نقرر فيها ما يُلْحِقُ الولد بالواطئ"، وعند القرافي في هذا الفرق: "ما يُلحَقُ فيه الولد بالواطئ" بحرف الجرّ (في).

<<  <  ج: ص:  >  >>