للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني أن الأصل يقتضى عدم تسليط الولي على مال ولِيَّتِه.

فأجبْنَا عن الأول بأنه ضعيف لا تقومُ به حجة (٦١).

وعن الثاني أن قاعدة الولاية تقتضى تصرف الولط بما هو أحسن للمولَّى عليه، وقد يكون العفو كذلك فيجوز. (٦٢)

ثم إن الآية تدل على ما قلناه بوجوه ت (٦٣)

منها أن الأصل في العطف بأو التشريكُ في المعنى. وقولهُ تعالى: "إلَّا أن يعفون"، معناه الإسقاط. وعلى رأينا يكون "أو يعفو الذي بيده عقدةُ النكاح" كذلك للإسقاط. وعلى رأيهم يكون للإثبات فلا يَحْصُل التشريك.

ومنها أن المفهوم من قولنا: إلا أن يكون كذا وكذا، تنويع ذلك الكائن إلى نوعين: والتنويع فرع الاشتراك في المعنى، ولا شِرْكة بين النفي والإِثبات، والإِسقاط والإِعطاء، وعلى رأينا، المتنوع: الإِسقاط إلى إسقاط المرأة وإسقاط الولي.


= ومأخذ هذا القول - كما يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره - أن الذي بيده عقدة النكاح حقيقة، الزوج، فإن بيده عقدها وإبرامها، ونقضها وانهدامها، وكما أنه لا يجوز للولي أن يهب شيئًا من مال وليته للغير فكذلك الصداق.
الوجه الثاني أن الذي بيده عقدة النكاح هو وليُّ المرأة. حدِّث به عمْرُو بن دينار عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال في الذي ذكر الله بيده عقدة النكاح. قال: "ذاك أبوها وأخوها، أوْ من لا تُنكحُ إلا بإذنه، وهو مذهب مالك، وقول الشافعي في القديم. ومأخذه أن الولي هو الذي أكسَبَها إياه، فله التصرُّف فيه أي في عقد النكاح، بخلاف سائر مالها.
ونقل الإِمام ابن جرير الطبري إمام المفسرين وشيخهم رحمه الله ورحمهم أجمعين عن عمرو بن دينار عن عكرمة قال: "أذِن الله في العفو وأمرّ به (أي في الصداق)، فأي امرأة عَفت جار عفوها، فإن شَحَّتْ وضَنَّتُ وعفا وليُّها جاز عفوه، وهذا يقتضي صحة عفو الوَلي وإن كانت رشيدة، وهو مروي عن شريح، لكن أنكر عليه الشعبي فرجع عن ذلك وصار إلى أنه الزوج، وكان ياهل عليه، وانظر كذلك هذا تفسير الإِمام القرطبي والإمام ابن عطية رحمهما الله.
(٦١) ووجّه ضعفه أنه منقطع غير متصل السند، كما ذكره الحافظ ابن كثير حيث قال في حديث كون ولي عقدة النكاح هو الزوج: "وقد أسنده ابن جرير عن ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "وليُّ عقدة النكاح الزوج"، ولم يقل عني أبيه عني جده، فالله أعلم".
(٦٢) كذا في نسخة ع. وفي نسخة ح: يجوز بدون الفاء.
(٦٣) ذكر القرافي أنها عشرة، واقتصر البقوري على بعضها اختصارا.

<<  <  ج: ص:  >  >>