للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال ابن يونس: يَحلِفُ من قُضي له به، وقال سحنون: ما يُعْرَف (٧٧) لاحدهما لا يَحلف، ولكن اليمين على الرجل فيما يَصلح لهما، وقاله ابن القاسم في غير المدونة، وهو ظاهر قول مالك. وقال ابن سحنون، لا يُقضَى لواحدٍ منهما بشيء إلا بعد يمينه، ثم إن اختلفا في البيت نفسه فهو للرجل، لأنه مِلْكُهُ في غالب العادة. (٧٨). قلت: العادة قد تختلف، فالغالب الآن في زماننا أن المسكن للمرأة لا للرجل. (٧٩)

قال شهاب الدين: فَوجْهُ الفرْقِ أن نقول: قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} (٨٠)، فكلُّ ما شهِدت به العادة قضِي به، لِظاهِر هذه الآية، إلا أن يكون هناك بينةُ.

قلت: الاستدلال بالآية ليس بِقَوِيٍّ (٩٠) من حيث إن العرف ينازع الخصمُ في تفسيره، ويقول: ليس المرادُ به ما ذكرتَهُ أيها المستدِلُّ.

قال شهاب الدين: والشافعي قاس أمر الزوجين على الصَّبَّاغ والعطَّار، ونحن نقول: الفرق أن الإشهاد بلان الزوجين متعذر، لأنهما لو اعتمدا ذلك، وأن من كان له شيء أشهدّ عليه، أدى ذلك إلى المنافَرَة وعدم الوداد بينهما، وربّما


(٧٧) كذا في نسخة ع، وفي كل من نسخة ح، وفي ت، عرف بصيغة الماضي. مبنيًا للمجهول.
(٧٨) علق الفقيه المحقق الشيخ المدقق أبو القاسم ابن الشاط رحمه الله على ما جاء في هذا الفرق عند الإِمام القرافي، ولخصه هنا الشيخ البقوري رحمه الله، فقال ابن الشاط: قوله: (الفرق الستون والمائة بين قاعدة المتداعيين (غير الزوجين)، وقاعدة المتداعِيَيْن الزوجين إلى قوله: "هذا تقرير المنقولات): لا كلام في ذلك. وأمّا قوله: "ووجْه الجواب والفرق فنقول: لنا قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} إلى آخر ما قاله في هذا الفرق، ففي ذلك نظر، وتَمسُّكُ الشافعي بالحديث ظاهر، وجواب المالكية بتفسير المدعي والمدّعى عليه بما فسَّرُوا، لا بأس به. وجعْلُ المالكية اليدُ لهما (اي للزوجين) مع قولهم: إن الرجل حائز للمرأة، فيه درك لا يخفي، وبالجملة، المسألة محل نظر. اهـ.
(٧٩) يريد الشيخ البقوري ويقصد زمانه في أواخر القرن السابع، ولغاية العقد الأول من القرن الثامن الهجري، فإنه توفي مراكش رحمه الله عام ٧٠٧ هـ.
(٨٠) سورة الاعراف، الآية ١٩٩.
(٨٠ م) في نسخة ت: ليس بالقوي، بالتعريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>