للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال صاحب الجواهر: كيفَ تصرف هذه الصيغةُ فهي صريح، كقولك: أنتِ طالق، أو أنتِ مطلَّقة، أو قد طلقتكِ، أو أنا طالق منكِ.

والكنايةُ ما ليس موضوعًا له لغة، لكن يَحْسُن استعماله فيه مجازا، لوجود العلاقة القريبة بينهما. وما فيه علاقة بعيدة، أو لا علاقة فيه أصلا، لا بعيدةٌ، ولاقريبة، لا يسمى صريحا ولا كناية.

واختلف الأصحاب وغيرهم في لزوم الطلاق بمثل هذا اللفظ الذي ليس بصريح ولا كنايةٍ، فالمشهور عندنا لزوم الطلاق، والشافعي يقول: لا يَلزم به طلاق.

ثم إن أصحابنا، منهم من قال: هو طلاق بمجرد النية، لأن اللفظ لم يوضَعْ له، وقيل: بل هو باللفظ، وكأن المستعيلَ لَهُ وضعَه الآن له، وهو بعيد، لأن انشاء الوضع لا يخطر ببال الناس في العادة عند الاستعمال. ومن قال: لا يلزم، فلأنه يقول: الطلاق بمجرد النية لا يكون، ليس ها هنا إلا النيةُ، إذ اللفظُ لم يوضع لذلك لا مجازا ولا لغة. (١٠٢)

ثم هذا البحث يتوقف على معرفة اللغاتِ: هلْ هي توقيفيَّة أوْ اصطلاحية؟ فإن قلنا: توقيفية، فلا يجوز ذلك، وان قلنا اصطلاحية، جاز ذلك. والصحيحُ عدم الجزم بشيء من ذلك لا بالتوقف ولا بالاصطلاح،


= وقد علق الشيخ ابن الشاط رحمه الله على كلام الإِمام القرافي في اوله فقال: ما قاله هنا ذِكْرُ اشتقاق، وحكاية أقوال، وَلا كلام في ذلك. وما قاله صاحب الجواهر صحيح وهو الصريح، وما قاله شهاب الدين بعدُ، صحيح.
(١٠٢) عبارة القرافي هنا هي قوله: "وبماذا يلزم؟ هل بالنية فقط؟ لمالكٍ، ويريد بالنية التطليق بالكلام النفساني، وقيل: باللفظ فقط، قال: وهو موجود في المدونة، وقيل: لابد من اجتماعهما. هذا في الفتيا. وأما في القضاء فيحكم عليه بصريح الطلاق وكناياته، ولا يصَدَّقُ اتفاقا، والكناية أصْلها ما فيه خفاء، ومنه كنيته أبا عبد الله، كأنك أخفيت الاسم بالكنية تعظيما له، ومنه الكِنّ لإخفائه الاجسام وما يوضع فيه، والكناية هي اللفظ المستعمل في غير موضوعه لغةً، وفي الصحاح: كنَيتُ وكَنوْتُ كنية بضم الكاف كسرها. =

<<  <  ج: ص:  >  >>