للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى هذا، اللفظُ يكون صريحا وكناية وعاريا عنهما (١٠٢ م).

ثم الكناية تنقسم إلى ما غلَب استعماله في العُرف في الطلاق فيُلْحَق بالصريح، لاستغنائه عن النية، قال في الكتاب: نحو الخلية والبريَّة (١٠٣)، وهذا لِلَحَاق العرف بالصريح، وما لم يغْلب استعماله في الكنايات فهو مجاز على أصْله، والمجاز يفتَقِرُ إلى النية الناقلة عن الحقيقة إليه، لأنها الأصل ولم ينسخها عرف.

ثم المنقولُ من الكنايات قد ينتقل لِأصْل الطلاق فقط، فيصير مثل أنت طالق في اللغة، يلزم به طلقةٌ رجعية، وقد ينتقل لأصل الطلاق والبينونة مع وصف العدد الثلاث، فيلزم به الطلاق الثلاث، ويصير النطق بذلك عرفا كالنطق بقوله أنت طالق ثلاثًا، لغة.

ثم إنّه قد يُستعمل في غير الثلاث غالبا، وفي الثلاث نادرا، فمن الناس من يقصد الاحتياط فيحمله على الثلاث، ومنهم من يحمله على الغالب فيلزم به طلقة واحدة، وهذا هو سبب الخلاف، ولهذا يرجع اختلافهم في مسألة الحرام.

فمن قائل: لم يحصل فيها نقْلُ البتةَ، فهي كذبٌ، فلا يلزم بها شيء إلا بالنية، ومِن قائلٍ: حصل النقل ولكن لأصل الطلاق، ومِن قائلٍ: النقل حصل للطلاق الثلاث، هذا تلخيص ما عليه الفقهاء.


= (١٠٢ م) وفي هذا الموضوع يقول العلامة الإِمام تاج الدين عبد الوهاب بن أبي الحسن السبكي الشافعي رحمه الله في كتابه الشهير: جمع الجوامع في أصول الفقه: (في الكتاب الأول من مؤلفه هذا حول الكتاب (أي القرآنِ) ومباحث الاقوال:
"مسألة" قال ابن فَوْرك والجمهور: اللغات توقيفيةٌ علّمَها الله تعالى بالوحْي وَخَلَق الاصوات أو العلم الضروري، وعُزِى (أي نُسِبَ هذا القولُ) إلى الإِمام الاشعري. وأكثر المعتزلة اصطلاحية (أي قالوا بأنها اصطلاحية) حصل عرفانها بالاشارة والقرينة كالطفل والاستاذ (أبو إسحاق الاسفرايني): القَدَّر المحتاج في التعريف توقيف، وغيرهُ محتمَلٌ، وقيل عَكْسُهُ، وتَوَقف كثير، والمختار الوقفُ عن القطع، وأن التوقيف مظنون. اهـ.
(١٠٣) سبق في الجزء الأول ذكرٌ وبيانٌ لمعاني هذه الكلمات المستعمَلة في الطلاق بالكناية، كما شرحها القرافي، وأبان عن معناها والمرادِ بها في هذا الفرق أثناء كلامه عليها. وانظر المسألة الثالثة من المسائل التي ذكرها القرافي، والبقوري هنا في جـ ١ من هذا الترتيب، ص ٢٨٨ فما بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>