للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيه:

الطلاق لإزالة مطلق القيد كما تقدم (١٠٤)، ومطلق القيد أعم من قيد النكاح، والقاعدة أن الدال على إزالة الأعَمِّ دالٌ على إزالة الأخصِّ بالالتزام لا باللفظ، فليس الطلاق موضوعا لإزالة خصوص قيد النكاح كما يُفهَم من كلامِ الفقهاء، بل التحقيق أن يقال: الطلاق موضوع لإزالة كل قيد حتى يندرج فيه قيد النكاح. وإذا كان كذلك فطالقٌ لا يدل على زوال العصمة مطابَقَةً ولا التزاما بحسب اللغة، والحقُّ أنه دل على ذلك عرفا لا لغة. والى هذا مال الشافعي رضى الله عنه، واستدل على هذا بورود ذلك في كتاب الله تعالى. واعترضه شهاب الدين هُنا بأن قال: الورودُ في الكلناب لا يكون دليلا على ذلك. (١٠٥)

قلت: مراد الشافعي أن استعمال هذا اللفظ في كتاب الله يَتعيَّنُ له بذلك حمله على الكلام الشرعى. على أن القاعدة أن الشارع إذا نطق بلفظ له معنى لغوى وله معنى شرعى ترجَّحَ حملُه على المعنى الشرعي وكان أرْجَحَ، فإذا كان مراد الشافعي هذا، فقوله صحيح، ولا اعتراض يَرِدُ عليه، والله أعلمُ.

قال شهاب الدين رحمه الله: فإذا فرَّعنا على العرف لا على اللغة فينبغي أن لا يكون الإِنطلاق صريحا وإن كان فيه الطاء واللام والقاف، وفيه معْنى إزالة


(١٠٤) قال ابن الشاط: ذلك غير صحيح، فإن الطلاق ليس في اللغة لإزالة مطلق القيد، بل لإزالة قيد العصمة خاصة. وما قاله القرافي من أنه يقال: لفظ مُطْلَقٌ، ووجْهٌ طلْقٌ، إشارة إلى الاشتقاق الكبير عند النحاة، وهو ضعيف عند محقيقهم، ومن ثَم لَا يصح اعتبار الكناية بِمُشْتَقَّةٍ من الكن، لأن الكناية آخر حروفها الثلاثة ياء أو واو، والكِنُّ آخر حروفه نون. انتهى بتصرف.
(١٠٥) أي إنه لا يلزم من ورود شيء في كتاب الله تعالى أن يصير موضوعا لذلك المعنى في الشرع أو العرف، فإن الكتاب العزيز يَرِدُ بالكنايات القريبة والبعيدة كما يرد بالحقيقة، والمجاز كثير في كتاب الله تعالى جدا، ويُعتَمَدُ في حكمه على القرائن والتصريح بالمراد.
وقد عقب ابن الشاط على هذا بقوله: قلت: بل إذا ورد شيء في كتاب الله تعالى فإنه يُحمَل على أنه كذلك في الشرع أو العرف، لأن ذلك هو الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>