للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السرف، وترتيب الاحكام عليْه خلاف الوضح الشرعي والقانون الحكمي، فلهذا تساوتْ الالوانُ من الاطعمة في الجنسية، لأن مهمتها الإِدام، وتساوتْ الأخْبَاز، لأن مهمتها الاغتذاءُ. (٤٣ م)

وقاعدةٌ أخرى في الفرق، (٤٤) قال أبو الطاهر بن بَشير: الصنعة إذا كثرتْ أو بَعُدَ الزمان صيرتْ الجنس الواحد جنسيْن، وإن قَلَّتْ أو قَرُب الزمان لم تصيره جنسيْن، وإن كانتْ بنار وبِنَقْص الْمُقتاتِ (٤٥) بغير إِضافة شئٍ لم تصيره جنسيْن كشيِّ اللَّحْم وتجفيفه وطبخه بغير مرقة، وبإضافة شيء إليه صيرتْهُ جنسيْن، كتجفيف اللحم بالإِبزار وطبخه بالمرقة. وان كانتْ الصناعة بغير نار وطال الزمان فقولان: المشهور تاثيرُها كخلِّ كالنبيذ من التمْر. والنظرُ في. ذلك كله إِلى الأَغراض من التساوي في المقاصد والتفاوت فيها. (٤٦).


= في نظر الشرع من الربويات ما هو عماد الاقوات وحافظُ قانون الحياة، ومقيمُ بِنْية الأشباح التي هي مراكبُ الارواح إلى دار القرار، ويُلْغَى تفاوتُ الجودة والرداءة لأنه داعية السرف، ولا يُقصَد إلا للتّرف. فلو رتَّب الشرع عليه أحكامه لكان ذلك دليل اعتباره، ومنبِّهاً على رفعة قدْره ومناره، وهو خلات الوضع الشرعي والقانون الحكمي، فلهذا تساوتْ الألوان من الاطعمة في الجنسية، لأنَّ مُهِمَّها (هكذا) الإِدامُ، وتساوتْ الأخبازْ، لأن مُهِمَّها الاغتذاءُ".
(٤٣ م) فى، زاد القرافي هنا بعد ذلك في آخر هذه الفقرة والقاعدة قوله:
"وعلى هذه القاعدة بنى العلماء رضي الله عنهم اتحاد الاجناس واختلافها، وإن كثرتْ فروع هذا الباب وانتشرتْ فهي راجعة إلى هذه القاعدة".
(٤٤) هذه القاعدة أوردها القرافي في هذا الفرق، فهي من كلامه وليست من إضافة البقوري كما قد يتبادر إلى الذهن.
(٤٥) كذا في نسختْي ع، وح، بينما هذا السطر كله ناقص في نسخة ت، وعبارة القرافي هكذا: "وإن كانتْ الصنعة بنار، وتنقُصُ المِقدرا بغير إضافة شيءٍ لم تُصَيِّرْه (الجنس) جنسين".
وفي تهذيب الفروق: الضَّعَة (بالضاد) من الوضح، ويكون المراد به حينئذ النقص الذي ينتج عن أثَر الصنعة في الشيء، والجِنس الواحد، فيصير جنسين، كما يتضح ممَّا في هذه الفقرة كلها، فلْيُتأمَّلْ ولْيُحقَّق.
(٤٦) عند القرافي: التقارب بدل التفاوت، فلَعَّل كلمة التفاوتِ أنسَب. فليتأمل، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>