للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الربا في الرَّطْب مِن هذه الفواكه، وإنما يجْرِي في اليابسة منها. وقيل: العلةُ الاقتيات فقط، فيمتنع الربا في البيض دون الفواكه اليابسة، وأبو حنيفة جعل العِلَّة الأكلَ اتحاد الجنس، والشافعي جعَل العِلةَ الكيل والوزن اتحاد الجِنْس.

وقال ربيعة: الضابط لِرِبَا الفضل أن يكون مما تَجب فيه الزكاة.

وقال ابن سِيرِينَ: الجنس الواحد هو الضابط في علة منع الربا، فلا يجوزُ التفاضُلُ في جنس واحد، كان طعاما أو غيره، وأصحابُ الظاهر قصَرُوا ذلك على الأجناس المذكورة في الحديث، ولا يكون في غيرها. هذا من منع ربا الفضل.

وجاء عن ابن عباس أنه أجازه، لِقوله عليه السلام: "إنما الربَا في النسيئة". (٤٧ م)

قال شهاب الدين: وجوابُ هذا أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن مبادلة الذهب بالفضة، والقمحِ بالشعير، قال: لا يحْرُمُ ما ذُكر، إنما الربا في النسيئه فسمع الراوي الجوابَ دون السؤال.

ولأصحابنا في المِلح ثلاثة أقوال: منهم من علّله بالاقتياتِ وإصلاح القوتِ، فألْحَقُوه بالتوابل، وقيل: بالأكل والادِّخار، وقيل: بِكونه إداماً فلا يُلحق به الفُلْفلُ ونحوُه.

وألْزَمَنَا الشافعية على تعليل المِلْح بإصلاح الأقوات جَرَيانَ الربا في الأفاويه (التوابل) والأحطاب، لأنها مُصلحة الأقواتِ. وجوابهْ أنا لا نقتصر على مطلق الاصلاح، بل نقول: هو قوتٌ مصلح، وهذه ليستْ قُوتاً.

واختلَف الأصحاب هل اتحاد الجنس جُزْءُ عِلة أو شرْطٌ في اعتبار العِلة لعُرُوِّه عن المناسبة، وهو الصحيحُ، لَنَا أنه عليه الصلاة والسلام، اشترَط المماثلة، وليست في الجنس، لاختلاف صفاته، فتعيَّنَ المقدارُ، وهذه الأربعة هي أقواتُهم بالحجاز.


(٤٧ م) حديث أخرجه الشيخان: البخاري ومسلم رحمهما الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>