للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها أنها صفة ثابتة والكَيْلُ عارض، وأنها صفة مختتصة، والطعم وغيرهُ غيرُ مختص، وأنها المقصودة عادَةَ من هذه الأعيان، وغيرُها ليس كذلك، وأنها جامعة للأوصاف المتناسِبة كلها، وأنها سابقة على الحكم، والكيل لاحِقٌ، وأنها جامعة للقبيل والكثير كما في النقديْن، والكيلُ يمنع في التمرة والتمرتين، وأنها تختص بحاليةِ الربا دون حالة كون الحبوب حشيشا ابتداء، ورماداً انتهاء، والكَيْلُ غيرُ مختص.

تنبيه:

القياس في الرِّبويات، اختُلف فيه، هل هو قياسُ شَبَهٍ (٥١) أو قياسُ عِلّة، والأظهرُ أنه قياسُ عِلّةِ، لأن قياس العِلّة ما كان الجاح فيه وصفا مناسبا. وضابطُ المناسِب ما يُتَوَقع من ترتيب الحكم عليه حصولُ مصلحة، أو درْءُ مَفْسدة. كترتيب تحريم الخمر على الإِسكار، لِدَرْءِ مفسدة ذهاب العقل. والمناسَبَةُ هنا من كون هذه الأعْيان شريفة، لأنها يُقتات بها، أو لأنها رووس الأموال وقِيَمُ المُتْلَفات.

تنبيه:

قال أبو الوليد بن رشد في كتاب القواعد: الذين قصَروا الربا على النسيئة، إمّا أنهم ينكرون القياس، وهُم الظاهرية، وإمّا أنهم منكرون لقياس الشبَه خاصةً،


(٥١) قياس العلة: هو: (القياس المشتمِل على المناسِبِ بالذات، أو هو الذي يكون فيه الوصف الجامع بين الاصل والفرع؛ والشَّبَهُ بفتح الشين والباءِ مَسْلَكٌ من مسالك العلة.
وقياس الشبه هو إلحاق فرع متردد بين أصْليْن بأحدهما، الغالبُ شَبَهُهُ به في الحكم والصفة على شبهه بالآخَر فيهما.
لذلكم جاء عند القرافي توْضيحٌ أكْثَرُ له حيث قال: وقياسُ الشبَه إمَّا في شَبَه الحكم كقياس الوضوءِ على التيمم في وجوب النية لأنهما طهارتان، والطهارة حكم شرعي، أو الشبه في الصورة كقياس الخل على الدُّهن في منع إزالة النجاسة به، أو في المقاصد، كقياس الأرز على البُر بجامع اتحادهما في المقصود منهما عادة، وهل المناسبة حاصلة من كون هذه الأعيان شريفةً بالقُوت أوْ رُؤوس الأموال وقِيَم المتَلفات، فناسَبَ ألَّا يُيَدَّل واحدٌ منهما باثنين ويناسِبُ أيضا تكثير الشروط. الأظهر أنه (أي القياس في الربويات) من باب قياس العِلة لا من باب قياس الشبَه، كما قال القرافي رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>