للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُنَمي السلعة في نفسها كنفقة الرقيق يحسَب ولا يُحسَبُ له ربحٌ)، (٨٤) وما ليس له عين قائمة ولا يُنْمي السلعة ذاتا ولا سوقا لا يحسب ولا يحسبُ له ربح، لأنه لم ينتقل للمشتري، فلا يقابَلُ بشيء، وهذِه الاحكام تتبع قوله: بعتك هذه السلعة مرابَحةً، للعشرة أحَدَ عشر، وما أشبهَ هذا القولَ، ولفظ العبد تتبعه ثيابه التي عليه إذا أشبهت مهنته دون ماله، وهذه الامور مبنية على العوائد، ولولاها لكان ما ذكرناه تحكما.

وممَّا يُشْبِهُ هذه الاشياءَ وليس مبنيا على العوائد، بل مُسْتَنَدُه النص، قوله عليه الصلاة والسلام: "من باع نخلا قد أبِّرَتْ فثمرتها للبائع، إلَّا أن يشترطها المبتاع". (٨٥) ومفهومُه يقتضي أنها - إذا لم تؤَبَّرْ فللمبتاع، لأنه عليه السلام جعلها للبائع بشرط الإِبَّار، فإذا انتفَى الشرط انتفى المشروط، فالأول مفهوم الصفة، والثاني مفهوم الشرط. والحنفية يقولون: هي للبائع مطلقا، (أَيْ كانتْ مُؤبَّرَةً أم لَا)، ولا يصح الاحتجاج عليهم بالمفهوم فإنهم لا يقولون به، ويقيسون الثمرة على الجنين إذا خرج لم يَتْبَع، وإلَّا تَبِعَ، (٨٦) وكذلك على الَّلبَن في الضرع.


(٨٤) هذه العبارة المثبتة بين قوسين: ثابتة في ع، وح، ناقصة في ت، وعند القرافي هنا.
(٨٥) أخرجه الإِمام مالك رحمه الله في الموطأ: ترجمة ٤٢٧: ما جاء في ثمر المال يباع أصله. ومَعْنَى أُبّرتُ بضم الهمزة وتشديد الباء المكسورة وتخفيفها لُقحتْ، فتابيرُ النخل تلقيحه، وهو - كما جاء في شرح العلامة الزرقاني رحمه الله على الموطأ- أن يُشَقَّ طلع الإناث ويوخذَ من طلع الذكر فيذَرُّ فيه ليكون بذلك بإذن الله أجودَ مما لم يؤبَّر، وهو خاص بالنخل، وألحق به ما انعقد من ثَمَرِ غيرها.
وبعبارة أخرى: الإبَّارُ عند العلماء أن يُجعلَ طلعِ ذَكر النخل في طلع إناثها، وفي سائر الشجر أن تنوَّر وتعقد، والتذكير في شجر التين التي تُذكّرُ، في معنى الإِبار.
(٨٦) كذا في جميع النسخ الثلاث المعتمدة في التحقيق والتصحيح لهذا الكتاب: ترتيب الفروق واختصارها. "ويقيسون (أيْ الحنفيةُ) - الثمرةَ على الجنين، إذا خرج لم يتبع، والا أتْبع". فالحنفية هُمْ الذين يقيسون ذلك كما هو واضح من نص العبارة والجملة. وعبارة القرافي هنا تفيد بأن المالكية هم الذين يقيسون تلك الأقيسة حيث قال: "وهذا ضعيف (أيْ الاحتجاج عليهم بمفهوم الصفة ومفهوم الشرط) من جهة أن الحنفية لا يرون المفهومَ حجة، فلا يُحْتَجُّ علهم به، بل نقيس الثمرة في الجنين، إذا خرج لم يُتْبع والا أتْبع، أو نقيسها على اللبن قبل الحِلَاب، واستتار الثمار في الأكمام كاستتار الأجنة في الأرحام واللبن في الضرع، أو نقيسها على الاغصان والورق =

<<  <  ج: ص:  >  >>