للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثالثة في الشرط الثاني.

قال أبو الطاهر في ضبط هذا الشرط: المُسْلَم فيه إن خالف الثَّمَنَ جنسا ومنفعةً جاز لبُعْد التهمة (٩٦)، أو نفعا، امتنع، إلا أن يُسْلِم الشيءَ في مثله، فيكون قرضا بلفظ السَّلم فيجوز، واذا كانت المنفعة للدافع امتنع اتفاقا، وإذا دارتْ بين الاحتماليْن .. فكذلك، لعدم تَعَيُّنِ مقصود الشارع، فإن تمحّضَتْ للقابض فالجوازُ وهو ظاهرٌ، والمنع لصورة المبايعة، وللمسلفِ ردُّ العَيْن. وها هنا اشترط الدافع ردّ المِثل، فهو غرَضٌ له، وإن في اختلف الجنس دون المنفعة فقولان: الجوازُ، للاختلاف، والمنعُ، لأن مقصَود الأعْيان (٩٧) منافعها، وإن اختلفتْ دون الجنس، جاز لِتحقق المبَايَعَةِ.

المسألة الرابعة في الشرط الثالث وهو الضمان بجُعْل: في بيان سره، وذلك ببيان قاعدةٍ، وهي أن الأشياء ثلاثة أقسام:

قسم اتفق الناسُ على أنَه قابل للمعاوضة، وقسم اتفق الناس على عدم قبوله للمعاوضة كالدَّم والخنزير ونحوهما من الأعيان، والقُبَل والعِناق من المنافع. ويدل على ذلك أنه لا قيمة لها عند الجناية عليها، ومنها ما اختُلِفَ فيه هل يَقبل المعاوضة أم لا كالأزبال وأرْواث الحيوان من الأعيان، والأذان والإِمامة من المنافع، فقيل بالجواز، وقيل بالمنع (٩٨).

إذا تقررت هذه القاعدة فالضمان في الذم من قَبيل ما منع الشرعُ المعاوضة فيه، وإن كان منفعة مقصودة للعقل كالقُبَلِ، وأنواع الاستمتاع مقصودة


(٩٦) كذا في ع. وهو ما عند القرافي. وفي ح: "التعذّر الشبهة" وفي ت: لتعَذَّر التهمة. وما في ع وعند القرافي أظهرُ، فليَتَأمَّل وليُحقَّق.
(٩٧) كذا في نسخة ع، وت، وهو ما عند القرافي. وفي نسخة ح: الأثمان. وما في النسختين الأوليين، وعند القرافي هو الظاهر والصواب. فلْيُتَأمَّل، ولْيُحَقَّق، والله أعلمُ.
(٩٨) علق ابن الشاط على المسألة الثالثة فقال: ما قاله القرافي فيها حكاية أقوال، وتقسيمٌ لا كلام معه فيه، وما قاله بعدها (من المسألة الرابعة) التي آخر الفرق صحيح.
ومعنى كون القُبَل والعِناق والنظر إلى المحاسن لا قيمة لها عند الجناية عليها، أنها غير متقوِّمة شرعا، ولو كانت تقبل القيمة الشرعية لوجبتْ عند الجناية عليها كسائر المنافع الشرعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>