للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِحسان بالمكايَسة، فتبقى مفسدة الربا سليمة عن العارِض، فيترتَّب عليها التحريمُ.


= فله فضل السبق على ابن الشاط رحمهما الله، فكل منهما باحث عن الحق والسداد والصواب في المسائل، هادف وقاصد إلى الوصول اليه من خلال ما علمه الله. وفوقَ كل ذي علم عليم. والكمال لله وحده.
وتحضرني هنا الابيات الأولى في مقدمة ألفية محمد ابن مالك الجياني، في ألفيته النحوية، حينما ذكر أنها ستفوق ألفية ابن مُعْطٍ قَبْلَهُ، فلم يلبث أن تذكر واستعاد رشده، فاستدركَ واعترَفَ لسابقه بفضل السبق والجميل، واستوجب منه الثناء الجزيل، والدعاء له بالمغفرة والرحمة من الله الرحمان الرحيم، فقال في ذلك:
وأستعينُ اللهَ في ألفيةْ ... مقاصِدُ النحْو بها مَحوية
تُقَرّب الاقصى بلفظٍ موجَز ... وتَبسُط البذْلَ بوعْدٍ مُنْجَز
وتقتضِى رضَى بغير سُخْط ... فائقةً ألفيةَ ابن مُعْطٍ
وهو بسبق حائزٌ تفضيلا ... مستوجبٌ ثنائي الجميلا
واللهُ يقضي بهباتِ وافرة ... لي وله في درجات الآخرة
وهو ملحظ نجده كذلك عند الدكتور عبد الله إبراهيم صلاح في كتابه (الاطروحة) "الإِمام شهاب الدين القرافي، واثرُه في الفقه الإسلامى" المبحث العاشر، ص ٢٩٠ حيث جاء في قوله، وهو يتحدث عن حاشية ابن الشاط وقيمتها العلمية:
"والحقيقة أن بهذه الحاشية القيمة كثيرا من الفوائد الفقهية العظيمة أجاد فيها ابن الشاط وابتكر، مما يدل. على علو مكانه وتَمَكَّنِهِ من كثير من العلوم المختلفة، وبها تفريعات وتقسيمات قيمة كثيرة النفع، عظيمة الفائدة، مما جعل بعض الفقهاء الكبار يثْنون عيها ويعتبرونها في القمة ... " إلا أنه من جهة أخرى يجب أن يُعْلَمَ أن العلامة ابن الشاط قد أسرَف في القول في هذه الحاشية على الإِمام القرافي، فإن الإِمام القرافي رجل مجتهد في المذهب، مثله مثل ابن الشاط، ان لم يكن اكثر منه ويزيد عليه كثيرًا في هذا الشأن.
ثم إن الإِمام القرافي ما دام أنه رجل مجتهد في تخريج مذهب إمامه، ومحققُه فقد أدَّاه اجتهاده إلى القول ببعض الاحكام في بعض المسائل الفقهية التي اندرجت ح نظيرتها تحت قاعدة كلية تشملها، فاعتُبِرتْ كذلك، وما لم يُصبْ فيه الإِمام القرافي في نظر ابن الشاط، فما ذلك الا لاجتهاد الإِمام القرافي في تلك المسائل، ولم يوافقه اجتهاد ابن الشاط فيها.
ثم إنه من جهة يجب أن يقال: إن منهج الشيخين في الاجتهاد قد اختلف، لأن لكل منهما طريقته الخاصة في الاجهاد، ولهذا، إختلفتْ طريقةُ كل منهما في الاستنباط الاحكام الفقهية، وجآت على هذه الصورة التي توحى بالاختلاف المتباعد.
ومهما يكن من أمر، فما كان للعلامة ابن الشاط -رحمه الله تعالى- أن يتحامل هذا التحامل الكبير، وخاصة على رجل إمام كالقرافي، له مكانته العالية بين علماء عصره الكِبار، سامحَنا الله واياهم. جميعًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>