أقول: ولعلَ الامر والنظر هنا يحتاج إلى التفريق بين الارض وأبنيتها في البادية وبينها في الحاضرة، حيث تتأتى بعض تلك الامور وتظهر أهميتها وقيمتها في البادية أكثرَ مما تتأتى في غيرها، ولو بصفة نسبية، مثل حفر الآبار والمطامير العتيقة، وبذلك يبقى كلام الإِمام القرافي سليمًا وبعيدًا إلى حد ما عن الغفلة الشديدة، بل يبقى بعيدا عن الغفلة من أساسها بالمرة، فلْيتأمل ذلك، وليُحَقَّق من طرف العلماء المتخصصين والفقهاء المتمكنين جزاهم الله خيرا، والله أعلم. (١١٢) عقب ابن الشاط على هذه القاعدة بقوله: إذا كانت القاعدة الشرعية ألَّا يُملك الشرع إلا ما فيه الحاجة، وأيْ حاجة في البلوغ إلى عَنان السماء؟ ، وإذا كانتْ القاعدة أنه يُمَلِّك مما فيه الحاجة فما المانعُ من مِلْك ما تحت البناء لحفر بئر يعمقها حافرها ما شاء. فما ذَكَرَ من سر الفرق لم يظهر وبقى سرا كما كان، فالصحيح أنه لا فرق بين الامريْن. ومن الدليل على ذلك ما هو معلوم لاشك فيه من أن مَن مَلَك موضعًا، له أن يبني فيه ويرفع فيه البناءَ ما شاء، ما لم يضرَّ بغيره، ولَه أن يحفر فيه ما شاء وُيعَمِّق ما شاء، ما لم يَضُرّ بغيره ... (١١٣) حديث صحيح متفق عليه عن عائشة ام المومنين رضي الله عنها بلفظ: "من ظَلَمَ شبرا من الارض طَوَّقه الله في سبع أرضِينَ".