المسألة الأولى. قال مالك: لا يجور بيْع الآبق والجمَل الشارد، ويجوز بيْعُ مِلْك الغير، ويُوقَفُ على إجازة ربِّه، وفي كلا الموضِعَيْن الغَررُ، فلم كان ذلك؟
فالجوابُ أن الآبِق والجمَلَ الشارد غيرُ مقطوع على وجودهما حال العقد، ولا مقدورٍ على تسليمها، فلم يَجُزْ بيعهما، وليس كذلك بيْعُ ملك الغير، لأنه موجود حال العقد، ووقوفُ نفوذ البيع على إجازة ربه لا يمنع جوازه، لأنه كالخيار الذي لا يمنع صحة البيْع، هذا قاله بعض أصحابنا.
قلت: هذا ضعيف، لأنَّ قوله في ملك الغير إنه موجود، إنْ أراد أنه موجود في نفسه فكذلك الآبقُ، هو موجود نفسه، وليس لهذا الوجود اعتبار، وإنما الاعتبار لوجود ذلك بِيَدِ البائع، وذلك مقصود فى الوجهين فلا فارقَ:
وقال بعض الفقهاء: الأجْوَدُ أن يقال إن بيع الآبق والجمل الشارد إنما لم يَجُزْ، لأنه على مِلِّكِ ربه فى حكم التلف، وما هذا سبيلُه فلا يصح بيعُه، وليس كذلك بيع ملك الغير، لأن هذا المعنى غيرُ موجود فيه.
المسألة الثانية: قال الفقهاء: الأمُر ببيع سلعة من السلع هو أمرٌ بقيضِ ثمنها مع بيعها، وقالوا في المرأة تأذَن لوليها في التزويج: ليس ذلك إذْنًا في قبض صداقها، وكلاهما عقدُ معاوضة، فَلِم كان هذا؟
فالجواب أن عقد البيع مفتقِر إلى ذكر الثمن، فكانَ الْإذن بالبيع إذنا له بالقبض.
قلت: وهذا الفرق ليس بظاهرٍ عندي، بل الأوْلى أن يقال:
عقدة (١٤٠) النكاح تتوقف على الزوج والزوجة والولى، ولم يُجعل الولىُّ نائبا
(١٤٠) يقال: عقد النكاح، وعقدة النكاح: ومنه قوله تعالى فى النهي عن عقد النكاح على المرأة المعتدة من طلاق أو وفاة حتى تنتهى العدة: {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} سورة البقرة. الآيه ٢٣٥.