للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاز، قليلا كان أو كثيرا، وفي كلا الموضعين فهو ركوبٌ مُنْضَمٌّ إلى البيع، فلِمَ كان ذلك؟ .

فالجواب أنه إذا اشتثنى الركوبَ وكان كثيرا دخل البيعَ الغَرَرُ، لأن المشترى لا يُسَلَّمُ الدابةَ إلا بعْدَ أن تنقضي مدة الركوب فيها فيدخلها التغير، وهي باقية على مِلكه، وليس كذلك إذا اشترط الركوب، لأن المشتري يتسلم الدابة، وانما يجعل ذلك إجارة وبيْعًا، والإجارةُ والبيعُ يجوز اجتماعهما، لأنهما عقدانِ غيرُ متنافييْن.

المسألة الثانية عشرة: قال مالك: يجوز ببع الشاة، واستثناءُ أطْرافِها في السفر، ولا يجوز ذلك في الحضَر، وفي كلا الموضعيْن قد وجِدَ الاستثناءُ للأطرف، فلِمَ كان هذا؟ .

فالجواب أن السفر لا قيمةَ للأطرافِ فيه، فيحصل، كالذى لا حكْم له، وفي الحضر لها قيمةٌ وبَالٌ، فيدخُلُ ذلك المخاطَرَةُ.

المسألة الثالثة عشرة: قال مالك: إذا أقرَضَ طعاما أو غيْرَهُ الي أجَلٍ من الآجالِ، فأُتي به قبْل محل الآجال لزِمه أخْذُهُ، ولا يَلْزَمه في السَّلَمِ قبل محل الآجال، وفي كلا الموضعين فالذِّمة تبرأ مما كانتْ مُشْغَلة بِهِ، فلِم كان ذلك؟ .

فالجواب أن الأجل في القرض حق للمستقرِض دونَ المقْرضِ، فإذا قدّم ذلك قبل مَحَلِّ الأجل فقد رضي بإسقاط حقه، فلزم ربَّ المال أخْذُهُ، لأنه لاحقَّ له في الأجَل، والأجَلُ في السَّلَم حقٌّ للجميع، المسلِم والمسلَمِ إليه، فإذا اختار أحدُهما اسقاط حقه لم يَلزمَ للآخَرِ اسقاطُ حقه، هذا قوْل بعض شيوخِنَا.

فان قيل: ومنْ أين كان الأجل في المرض للمُقْرَضِ دون المقْرِض، وفي السَّلَم حق للجميع؟ قيل: لأن المنفعة للمقرَض دون المقرِضِ، ألا تَرَى أنه متى حصَلتْ فيه المنفعة للمقْرِض لم يَجُزْ، فلهذا كان الأجل حقا له، والمنفعة في السَّلَم للجميع، لأنه إنما يُسْلِمُ اليه لِمَا يَرْجُوهُ من نَفَاقِ تلك السلعة عند تغيُّر الأسْواق، وينتفعُ المسلِمُ بتقديم المسْلَمِ إليه، للثَّمَن، فكل واحد منهما له منفعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>