للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضا فإنما قدَّم الثمنَ ليسترخِص تلك السلعةَ إذا أتته عند محل الأجل، فإذا قُدمَتْ قبلَه بطَل هذا الغَرَضُ.

المسألة الرابعة عشرة: إذا أقْرض منه شيئا فرد إلَيه أفضلَ منه جَازَ، وإن ردَّ أزيَدَ منه لمْ يَجُزْ، وفي كِلا الموضعيْن فقد وجِدَ الفضلُ، فلِمَ كان ذلك؟

فالجواب أن الزيادة في المثل تخْرجُ عن حدِّ المثل، وليس كذلك تغيُّرُ الصفة، لأن المماثَلة حاصلة معه، وفَرَّقَ بعض أصحابنا بما رُوِي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أقْرِضَ بَكْرًا فرَدَّ جَمَلًا رباعيا أفضلَ مما أخذَ، وفي هذا الفَرق نظرٌ، من حيث إنه دليل على المِثلِية دون الفرق، وانما الفرق ما ذَكَرْنا، وهذا دليل عاضِدٌ لما ذكرناه، وأيضا فإن التهمة تَقْوَى في الزيادة في المثْلِ دون الصفة، والله أعلم.

المسألة الخامسة عشرة: قال مالك: يجوز بيْعُ تراب المعدنِ، ولا يجوز بيْع تراب الصاغة، وفي كلا الموضعيْن فالعين المشتَرَاةُ مرْئِية، فلِمَ كان هذا؟ .

فالجواب أن تراب المعدن إنَّما جاز بيعه، لأن ما فيه من الذهب والفضة معروفٌ، (أي عند اهل البَصَرِ)، وتراب الصاغة لا يُعْلمُ ما فيه.

وفرق بعضُ أصحابنا بأن قال: ترابُ المعدِن لا يَدْخله غِش، لأنه صنعة الخالق تعالى، وتراب الصاغة يدخله الغش لأنه صنعةُ خلوق، وفيه نَظرٌ.

المسألة السادسة عشرة: قال مالك: يجوز بيع تراب المعدنِ ولا يجوز بيع الضريية، وهو بْيع ما يُخْرَجُ من المعدن في اليوم، وفي كلا الموضعين هو تراب معدن، فلِم كان هذا؟

فالجواب أن. الضَّريية مجهولة غيرُ معروفة، لأنه لا يُعْلَمُ ما يخرج في ذلك اليوم، ليس الامر كذلك في التراب لأنه معلوم غير مجهول.

المسألة السابعة عشرة: قال مالك رحمه الله: من دفع إلى مالك غَزْلا، وقال: أنسجْهُ ثوْبا ولك نصْفُ الثوب لم يَجُز، وإن قال له: أنسجه ولك نصف الغزْلِ جاز، وفي كلا الموضعيْن فهو إجارة بنصف ما وقعَ، فلِمَ كان ذلك؟ .

<<  <  ج: ص:  >  >>