للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمستنابُ كذلك، لأن ولايته لم تكن ممن له الولاية، والاستنابة في أيام الأعذار لَا تُسقِطُ حقه في الوقف، وله أن يعطي النائبَ في تلك الأيام ما أحبَّ.

ثم الرزق إذا كان من الإِمام على أشياءَ كالإمامة رالتدريس وغير ذلك فلا يَحِل إلا لمن كان أهْلا للقيام بذلك وقام بها، إلا أن يكون الإِمام قد جعل تلك الأرزاق لأحَدٍ من هؤلاء بعد معْرفته به وعدم قيامه بذلك فإنه ياخذه إن كان أعطاهُ لمصلحة أخرى ظهرت له في ذلك، ولو كَان وقْفًا لم يَجُزْ للإِمام أنْ يُطْلِقَه له لتلك الخطَّة إذا عَلِم أنه لا يقوم بها. (١٦):

قال شهاب الدين: وكثير من الفقهاء يغلط في مسألة الأرزاق ويقول: إنَما جاز تَنَاوُل الأرزاق على الإِمامة بناءً على القوْلِ بإجازة الإِجارة على الإِمامة في الصلاة، (١٧) ويَتَوزَعُ عن تناول الرزق لأجْل الخلاف في جواز الإجارة، وليس الأمر كما ظنَّه، بل الارزاق مَجمَعٌ على جوازها، لأنما إحسانٌ ومعروف وإعانة لا إجارةٌ، وإنما وقع الخلاف في الإِجارة، لأنها عقدُ مكايَسة ومُغَابَنَة، ومن باب المعاوضَة التي لا يجوز أن يُجعَل العوضانِ فيها لشخص واحد، فإنَّ المعاوضة إنما شُرِعت لينتفع كلُّ واحد من المتعاوضيْن بما بُذِلَ له، وأجْرُ الصلاة له، فلو أخذ العوض عنها


(١٦) عبارة القرافي هنا: وِلو كان وقفا ولم يقم بشرطه لم يجز لإمام إطلاقه لمن لم يقم بشرط الواقف في استحقاقه، فهذا أيضا يميز لك الارزاق من باب الاوقاف والاجارات. ويجوز في المدارس الأرزاق والوقف والاجارة، ولا يجوز في إمامة الصلاة الاجارة على المشهور من مذهب مالك رحمه الله، ويجوز الارزاق والوقف.
(١٧) سبق الكلام عن موضوع إجارة الإمامة على الصلاة وما فيها من اُقوال ثلاثة: الجواز، والمنع، والتفريق بين ضم الأذان للصلاة فتجوز الاجارة عليها، وعدم ضمه لها فلا تجوز تلك الاجارة، وذلك في القاعدة الأولى من قواعد البيوع، والمتعلقة ببيان أينَ يصحُّ اجتماع العوضين لشخص واحد واينَ لا يصح ذلك، وهي موضوع الفرق الرابع عشر والمائة من فروق القرافي، والذي ذكر فيه القول بجواز الأجرة على الامامة، وأن وجه ذلك القول بالجواز هو كون الأجرة على الامامة بإزاء الملازمة في المكان المعَيَّن، وهو غير الصلاة.
وقد علق الشيخ ابن الشاط على ذلك كما سبقت إليه الإشارة هنا بقوله: لقائل أن يقول: ليس المبذول فيها (أي في إمامة الصلاة) عوضا عن الثواب، بل هو معونة على القيام بتلك الامور، فلِلْقائم بها ثوابه، ولمن تولى الإعانة ثوابه، فلم يجتمع العوضان لشخص بوجه، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>