للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثال الثاني كمن استاجر دارًا أو استعارها فله أن يُسكِنَها غيرَه بأي وجهٍ أراد، ويتصرف في هذه المنفعة تصرف المُلَّاك في أملاكهم، وهو تمليكٌ مطلَق، لكنه في زمن خاص، وتمليك هذه المنفعة كتمليك الرقاب.

وها هنا أربعُ مسائلَ:

المسألة الأولى: النكاح من باب تمليك الانتفاع لا تمليكِ المنفعة، إذْ ليسَ له أن يُمَكّن غيره من تلك المنفعة، ولا هو مالك لِلْمنفعة ولا البُضْع، ولكنه ملَك أن ينتفع خاصة.

المسألة الثانية: الوكالة بغيرِ عوض، من باب تمليك الانتفاع لا تمليك المنفعة، وأمّا الوكالة بعوض فيمْلِك بها المنفعةَ، إذ هي إجارةٌ، فلهُ بيْعُ ما ملك، ويمكِّنُ منه غيرَه ما لم يكن الموَكَّلُ عليه لا يَقبَل البدَل.

المسألة الثالثة: القِرَاضُ يقتضي عقدُهُ أنّ ربَّ المال مَلَك من العامل الانتفاع لا المنفعة، بدليل أنهُ ليس له إلا أن يقتصر على الانتفاع بنفسه على الوجه الذي اقتضاه عند القراض، وكذلك المُساقاة والمغَارسَة، وأمّا مِلْك العامل في القراض والمساقاة فهذا مِلْكُ عيْنٍ لا مِلْكُ منْفَعَة ولا انتفاع، وتلك العَيْنُ هي ما خرج من ثمرهِ أوْ ما يَحْصُلُ من رِبْح في القِراض.

المسألة الرابعة: إذا وقف وقْفًا على أن يُسْكَن أو على السُّكنى ولم يزد على ذلك، فظاهر اللفظ أن الواقف إنما ملَّكَ الموقوفَ عليه الانتفاعَ بالسكنى دون المنفعة، فليس له أن يُسكِنُه غيرَه بوجه من الوجوهِ، وهذا من حيث إنه إِذا صدَرَتْ صيغةٌ وشكَكْنا في مقتضاها هل هي تمليك الانتفاع أو المنفعةِ حملناها على أقل الرُّتَبِ (٢٩) وذلك الانتفاعُ، وكان هذا من حيث إن الاصل بقاءُ الاملاك


(٢٩) وذلك استصحابا لِلأصْل في الملك السابق، وعلى هذه القاعدة مسائل في المذهب كما قال القرافي رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>