للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له فيها المنفعة، والمدَبَّر (٣٢) خلاف ذلك، فحكمُه حكم الوصية في كثير من أحكامه.

المسألة الثانية: قال مالك: إذا أخطأ الدليلُ كان له أجرتُه، وإذا غَرِقت السفينة فلا أجرة، والمقصودُ في الجميع البلوغ، فلِمَ كان هذا الفرق؟ .

فالجواب أن أجرة الدليل إنما هي أجرة على اجتهاد موجود، والاجتهاد موجود في حال الخطأ كوجوده حالة الإِصابة، إذ ليس عليه أكثر من الاجتهاد، ولهذا كان المُصَلي لغير القِبْلة عن اجتهاد كالمصلي لها، (٣٣)، وأما الأجرة في السفينة فهى على حصول المنفعة، فإذا بطلت المنفعة تعذر استحقاق الأجر، والله أعلم.

المسألة، الثالثة. قال مالك: لا بأس بجذاذ النخل على أن لِلعامل رُبعَ الثمرة أو جزءًا منها، قَلَّ أوْ كثُرَ، ولا يجوز ذلك في نفض الزيتون، وفي كلا الموضعيْن هي إجارةٌ بجزءٍ من الثمرة، فلم كان هذا؟

فالجواب أن ثمرة النخل معروفة، وما يُجَذُّ منها معلوم، فجازتْ الاجارة بجُزْءٍ منها، لأن الاجارة حينئذ تكون معلومة، وليس كذلك الزيتون، فإنه غير معلوم، فتكون الاجرة غير معلومة، فافترقا.


(٣٣) أي فصلاتُهُ صحيحة، غير أنه إذا تبين له الخطأ في استقبال القبلة، ولم يخرج الوقت الضروري للصلاة بعد، تستحب له إعادتها، فإن تبين له الخطأ بعد خروج وقتها هذا لا تستحبّ له الاعادة. قال الشيخ خليل هنا رحمه الله: وإنَ تبَّين خطأ بصلاة، قطَعَ غيرُ أعمَى ومنحرف يسيرًا فيستقبلانها، وبَعْدَها أعاد في الوقت المختار".

<<  <  ج: ص:  >  >>