وأما قسمة المراضاة بغير تعديل ولا تقويم فلا اختلاف أنها بيع من البيوع في جميع الاحكام. وأما قسمة المنافع فإنها لا تجوز بالقرعة على مذهب ابن القاسم، ولا يجْبَرُ عليها من أباها، ولا تكون الا على المراضاة والمهايَأة، والمهايأة إما بالازمان، كأن يتراضيا على أن يسكن أحدهما الدار او يحرث الارض مدةً من الزمن، والآخَرُ كذلك، وإما بالاعيان كان يسكن احدهما داراً او يحرث ارضا، ويسكن الآخرُ دارا او يحرث أرضا أخرى. والقسمة تعتبر من العقود اللازمة ان وقعَتْ بوجه صحيح سليم، فلا يكون بعد ذلك لأحد الشركاء المتقاسمين نقضها ولَا الرجوعُ عنها الا بما يقتضي ذلك مما لم يكن معلوما حين القسمة كما نص عليه الفقهاء بتفصيل، في المقدمات لابن رشد الجد، وفي غيره من المؤلفات الفقهية. (٥) تأمل الكلام على هذا الشرط الرابع، فلعله يحتاج إلى توقف واستيضاح بالنسبة لما قبله من الشروط. وتوضحهُ عبارة تهذيب الفروق حيث جاء فيه قَوْلُهُ: القسم الثالث ما كان في قسْمه إضاعة الْمال، لحق الله تعالى، كقَسْم الياقوتة. الرابع: ما كان في قسمه إضاعة المال، لحق آدمي، كقسم الدار اللطيفة، والحمّام والخشبة، والمصراعيْن (البابين). قال الاصل، أي القرافي في كتابه الفروق: ويكون إضاعة المال في هذا الأمر لحق آدمي يجوز عندنا قسمُهُ بالتراضي، لأن للآدمي إسقاط حقه، بخلاف حق الله تعالي في إضاعة المال وغيره. ومنعَ أبو حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل قَسْمَ ما فيه ضرر، أو تغيُّر نوع المقسوم. وانظر منظومة التحفة لابن عاصم فيما يتعلق بأحكام القسمة ومختصر الشيخ خليل وغيْرهما لاستيضاح مسائلها وبيان احكامها التفصيلية.