للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مأموناً ولا يَخْشى السلطانَ إذا أشهرها، وهي بين قوم أمناءَ لا يُخشى عليها منهم ولها قدْرٌ، فأخْذُها وتعريفُها مستحَبُّ، وإن كانتْ بين قوم غيِر أمناء، والسلطانُ أمينٌ، وجب أخْذُها، وإن كان غيرَ أمين بيْن قوم أمناء، والسلطان غير أمين، حَرُم أخذها. وإن كانت قليلة كُرِه أخذها، لأن الغالبَ عدم المبالغة في تعريف الحقير، وذلك كالدِرْهم ونحوه.

وقال الشيخ أبو الوليد في المقدمات: في اللَّقَطَة ثلاثة أقوال:

الأفضل ترْكها من غير تفصيل، والأفضل أخذها، لأن فيه صونَ مالِ الغير، وأخْذُ الجليل أفضل، وترك الحقير أفضل. وهذا إذا كانت بيْن قوم مامونين، والإِمامُ عدْلٌ، أمّا بين الخَوَنة ولَا يُخشَى السلطان إذا عُرِّفَتْ فالأخذ واجب اتفاقا، وبين خَوَنة ويُخشى من الإِمام، يخَيَّرُ بيْن أخذها وترْكِها بحَسَبِ ما يَغلب على ظنه في أي الخَوْفَيْن أشدُّ.

ويُستثنَى لُقَطة الحاج، فلا يجرى هذا الخلاف فيها، فهي بالتّرْك أوْلى، لأن ملبتقطها يدخل قُطرَه وهو بعيد، فلا يحصل التعريف بها.


= فهو آحق بها"، والأصل في مشروعية اللقطة وبيان أحكامها ما أخرجه البخاري ورُوِيَ عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: "جاءَ رجل إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فسأله عن اللقَطة، فقال: إعْرف عِفَاصَها ووكاءها (اي وعاءَها وخَيْطَها الذي شُدَّت به)، ثم عرّفها سنة (إي أشْهِرْهَا)، فإن جاءَ صاحبها وإلا فشأنك بها، قال فضَالَّةُ: الغَنَم، (أي ما حكمُها)؟ ، قال: هي لك أو لأخيك أو للذئب (اي هي لك إن لم يظهر صاحبها)، بعد التعريف بها، أو لصاحبها إن ظهر)، وكِلَا الامرين خير من الذئب يجدها منفردةً عن القطيع وبعيدة عن الراعي وضالَّة عنه فيفترسها، قال: (أيْ الرجُل) فضَالةُ الابِل؟ أي ما حكْمُها؟ قال: مالَكَ ولها؟ ، معَها سِقاؤها وحِذاؤها. أي إنها تستطيع الصبرَ على العطَش بما تحمله معها من الماء في بطنها، وتستطيع الدفاع عن نفسها في مواجهة ومقاومة بعض الحيوانات المفترسة) إلى أن يجدها مالكها وتعود اليه وإلى رعايته.

<<  <  ج: ص:  >  >>