للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثْلُ هذه المسألة أن يقول: له علي مائةُ درهم إن حلف، أو إذا حَلَف، أو متى حلف، أو حتَّي يحلف، أو مع يمينه أوْ بعْدَ يمينه، فحلف المُقَرُّ له فنكَلَ المُقِر وقال: ما ظننت أنه يحلف، لا يَلزَمه شيء.

ومثال ذلك أن يقول: له عندي مائة من ثَمن الخَمْر أو ميتة، فإنه لا يلزمه شيء، لأن الكلام بآخِرِه. (٢٨).

قلت: ولْنَذْكرْ مسائل وإن كانت الواحدة منها قد ذُكِرتْ، لكني أزيدها بسْطاً. (٢٩):

المسألة الأولى، قال مالك: إذا قارَضَهُ على أن يُسلِف أحدُهما الآخَر كان للعامل أجْرَة مِثله، وإذا قارضه إلى أجل أو بشرط الضمان وجب فيه قراض المثل، وفي كلا الموضعيْن قد شرَط كل واحد منهما في القراض ما ليس منه، فلم كان ذلك؟ .

فالجوابُ أنه اذ اقارضه إلى أجلٍ أو بِشرط الضمان فالقراض لم يَنْضمَّ اليه غيْرُه ولم ينقله عن حكم القِرَاض، وليس ذلك في شرط السَّلف، لأنه من غير


(٢٨) زاد القرافي هنا بيانا وتوضيحا لذلك فقال: "والقاعدةُ أن كّل كلام لا يستقِلُّ بنفسه إذا اتَصَل بكلام مستقل بنفسه صيَّره غيرَ مستقل بنفسه. فقوله: "من ثمن خمر" لا يستقل بنفسَه، فيصير الاول المستقِل غيرَ مستقل الصفة والاستثناء، وكذلك الصفة والاستثناء، والغاية والشروط" ونحوها". ومعلوم أن الميتة والخمر لا يجوز بيعهما في الإِسلام، فثمنهما حرام، ومن ثَمَّ كان إقراره ساقطا غَيْر لازم.
(٢٩) هذه المسائل الخمسة هي عند البقوري من إضافات المسائل المناسبة، وإلْحاق الفروع والجزئيات بمثيلاتها في كتاب الفروق لشيخه الامام القرافي رحمهما الله، وهي احدى الأسس والمميزات التي يقوم عليها هذا الكتاب كما سبق ذكره في أوله، وهي مرتكَزات تقوم على الترتيب، والاختصاره والاضافة، والإلحاق، والتنبيه على ما يظهر له خلال ذلك مما لم يذكره القرافي، فيكون جميع ذلك عونا على فهم الفروق وتحصيلها، كما سبَقَ في مقدمة المؤلف في الجزء الأول من هذا الكتاب الذي يدل من خلال ذلك على علو كعب صاحبه البقوري، وعلى تمكنه وطُول باعه وسَعَةِ اطِّلاعِهِ فيما احتواه واشتمل عليه، واستوعَبه من القواعد والفروع والجزئيات وما يتصل بِهَا من المعارف والعلوم الاسلامية المتنوعة كما هو الشأن بالنسبة لشيخه القرافي في كتابه الفروق، نفع الله بِعلْمهما معا، ورحمهما وكافة العلماء المسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>