للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القراض، إِذ هو معنى انضمَّ إِليه من غيره فنَقله عن حكمه. وأيضاً، فالسلف زيادة ازدادها أحدهما على الآخَرَ، والقراض إذا دخلْته الزيادة أفسدتْهُ، وليس كذلك في الأجَل، والضمانُ ليس بزيادة ازدادها أحدهما على الآخر، فلم ينقُل القِراض عن حكمه.

قلت: وما ذكرناه من الفرق الكلي في القراض كافٍ. (٣٠)

المسألة الثانية، قال مالك: لا يجوز أن يدفع إليه مالَيْنِ بِربْحَيْن مختلفَيْن على أن كل واحد على حِدَة، واذا دفع إليه مالاً فاشترَى به سلعة فجائزٌ أن يدفع إليه مالا آخر. ويُشترط ألّا يَخلطه بالأول، سواء اتفق الربحُ أو اختلف، وفي كِلا الموضعين مالَانِ بربْحَيْن مختلفين، فلِمَ وقعَ هذا؟

فالجواب أنه إذا دفع إليه ماليْن وشرَط أن يخلط أحدَهما بالآخر واختلف الربح فهو غَرَرٌ، لأنه يجوزُ أن يربَحَ في أحدهما ويخسَر في الآخَر، فيكون قد خسر أحدهما فيذهب عمله باطلا فيما لا يربحُ فيه، وياخذ ربح المال الآخر، فدخل الغَبْنُ على رب المال، لأن ربَّ المال دخل على أنه يربح في كل مالٍ، ولا يستبد العامل في منفعة أحد المالَيْن دون الآخَر. وليس كذلك إذا اشترى بالمال الأول السِّلعَ، لأنه قد حصل له حكم نفيسه، امَّا من ربْح أو خسارة، فلا يدخل هاهنا الغرر كما دخل في الأول، إذ قد استحق العامل منفعة المال الأول إن كان فيه منفعة او كان فيه خُسْرانٌ، فهو على رب المال، لا تعلُّق لأحد الماليْن بالآخر، فافترَقا.

المسألة الثالثة، لا يجوز للمودَع أن يُودِع الوديعةَ عند غيره إلا من ضرورة، ويجوزُ أن يودِع اللقطة من غير ضرورة إذا كان في مثل أمانته، والكلُّ مالٌ للغير. فلِمَ كان هذا الفرق؟


(٣٠) أَيْ في القاعدة السادسة من قواعد هذا الباب المشتمل على ثمانية ابواب، خصَّ كل واحد منها بقاعدة واحدة تتعلق به. اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>