للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجوابُ أن المودِع إنما رضي بالمودَع، فلم يكن له أن يدفعها لغيره إلا من ضرورة، واللُّقَطة لم يَرْضَ صاحبُها أن تكون عند الملتقِط ولا اختَاره، وإنما الغرض منها الحفظ، فكان له دفْعُها إلى غيره.

المسألة الرابعة، إذا تعدَّى المودَعُ على الوديعة فاشترى بها تجارة، فربح فيها، كان له بح، وإذا تعَدَّى المُقَارَض في مال القِراض، فاشترى غير الذي أمره بشرائه كان رب المال مخيَّراً بين أن يضمنه وبين أن يقره على القراض ويقاسمه الربح، وفي كِلَا الموضعين، فالتعدي موجود.

فالجواب أن الوديعة لم يقصِد بها رَبُّها التنمية، وإنما قصد بها الحفظ، ولمْ يَزُلْ غرضه بتعَدِي المودَع عليها، لانَّ الحفظ موجود فيها على كل حال، وليس كذلك القراض، لأنَّ رب المال قصد به التنمية، فلو لم يكنْ له الخيَارُ لكان العامل قد منعَه غرضَه، وليس كذلك، فافترقا.

المسألة الخامسة، قال مالك: إذا استهلك العبدُ لُقَطَةً قبل عام كانتْ في رقبته، واذا استهلكها بعْد السنة كانتْ في ذمته، واذا استهلك الحر لقطةً كانت في ذمته مطلقا، فلِمَ كان هذا؟

فالجواب أن الاستهلاك إذا كان للعبد قبل السنة كان تعدِّيا، والعبدُ إِذا تعَدَّى على مال الغير كان ذلك في رقبته، وإذا كان بعدَ السنة لم يكن متعديا، لأنه ماذون له في إنفاقها فكانت في ذمته، دون رقبته، والحرُّ أحوالُه متساوية، فهي في ذمته أبداً.

<<  <  ج: ص:  >  >>