للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشاهد والنكول، والمرأتان والنكول، واليمين والنكول، وأربعة أيمان في اللعان، وخمسون يمينا في القَسامة، والمرأتان فقط في العيوب المتعلقة بالنساء، واليمين وحدها وإن تحالفا، وتُقسم بينهما فَيقضَى لكل واحد منهما بيمينه، والإِقرار، وشهادة الصبْيان، والقافةُ، وقُمُطُ الحيطان، وشواهدها، واليد. فهذه هي الحجاج التي يقضي بها الحكام، وما عداها لا يُقضَى به عندنا، وفيه خلاف أُنَبِهُ عليه،

فأذْكُرُ ذلك حجةَ حُجّة بانفرادها:

الحجة الأولى: الشاهدانِ، والعدالة فيهما شرط عندنا وعند الشافعي وأحمد بن حنبل، وقال أبو حنيفة: العدالة حق للخصم، فإن طلبها فحص الحاكم عنها وإلا فلا. وعندنا، هي لله تعالى يجب على الحمام ألّا يحكم حتى يحققها. وقال متأخرو الحنَفِية: إنما كان قول المجهول مقبولا في أول الإِسلام، حيث كان الغالب العدالة، فحُكِمَ بالغالب وتُرِك النادر، وأمّا اليومَ فالغالب الفِسق، فلا يحْكُمُ إِلّا بعْدَ البحث عن العدالة. والمعروفُ عن الحنفية القولُ الأول، واستثنُوْا الحدود، فلا يُكْتَفَى فيها بمجرد الإِسلام، بل لابُدَّ من العدالة، لأنها حقٌّ لله (٧٨ م)

لَنَا إجماع الصحابة على ما قلناه، من حيث إنَّ عُمَرَ طَلَب التعويف برجَليْن مُسْلِميْن، فقال رضي الله عنه، لا أعرفكما، ولا يضرُّكما أن لا أعرفكما، وسأل المعروفَ عن سفَره معهما، وعن مجاورته لهما، وعن معاملته لهما، (٧٩) والظاهر أنه ما سأل عن تلك الأسباب إلا بعدَ علمه بإسلامهما، لأنه لم يَسأل عن إسلامهما. ولنا قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (٨٠)، إذْ لوْ كان الإِسلام كافِياً لمْ يَبقَ في تَقييده بِالعدْل فائدة.


(٧٨ م) أي فهو ثابت فَتُطْلَبُ العدالة، وإذا كان المحكوم به حقا لآدمي يجْرَحُهَا وجب البحث عنها.
(٧٩) أوضح القرافي المسألة فقال: "فجاء رجل، فقال له عمر: أتعرفهما؟ قال: نَعَم، قال له: أكنْتَ معهما في سفَر يتبيَّنُ عن جواهر الناس؟ قال: لا، قال: فأنت جارهما تعرف صباحهما ومساءهما؟ ، قال: لا، قال: أعاملتَهُما بالدراهم والدنانير التي تُقطعُ بينهما الأرحام؟ قال: لا، فقال عمر: يا ابن أخي، ما تعرفهما، إئتياني بمن يعرفكما، وهذا بحضرة الصحابة، لأنه لم يكن يحكم إلا بحضرتهم، ولم يخالفه أحدٌ، فكان إجماعا".
(٨٠) سورة الطلاق، الآية: ٢، بَعْدَها: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>