للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنا قوله تعالى: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} (٨٤).

وقال عليه السلام: لا تُقْبَلُ شهادةُ عدُوٍ على عدُوِّه، (٨٥) وقياسا على الفاسق، بل بطريق الأولى، ولقوله تعالى: {وأشهِدوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}، ولأنه جاء في الحديث "لا تُقبلُ شهادة أهل دِين على غير أهْل دينه إلا المسلمون، فإنهم عدولٌ عليهم وعلى غيرهم".

إحتجوا بقوله: {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ}. الآية، وإذا جازت على المسلم جازتْ على الكافر بطريق الأولى، وبأنه رُوي عن الشعبي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن شهد منكم أربعة رجَمْتُهُما"، وخطابه لأهل الكتاب. (٨٦)

والجواب أن الحسَن قال: "مِن غيْر عَشِيرتكم"، وأيْضاً فالآيةُ تدل على التخيير بَيْن المسلمين وغيرهم، ولم يَقُلْ به أحَدٌ، فدل على نسخ ذلك.

وعن الثاني أن الصحيح منهما اعترفا بالزنى، فكان الرجم بالاعتراف، ولمْ يصِحَّ أَمْرُ الشهادة في ذلك.


(٨٤) وأولها قوله تعالى: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}. سورة المائدة، الآية ١٤.
(٨٥) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولاذي غِمْرٍ على أخيه السلم، ولا تجوز شهادة القانع لأهل البيت" والقانع هو الذي ينفق عليه أهل البيت. والغمرُ بكَسْر الغين: الحاقد، رواه كل من الامامين: احمد بن حنبل، وأبُوداد، وأورد له السيد سابق في كتابه فقه السَّنة صيغة أخرى في هذا المعتى، وهي "لا تُقَبَل شهادةُ خصم على خصمه".
(٨٦) في الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن اليهود أتَوْا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل وامرأة منهم قد زنيَا، فقال: ما نخِدون في كتابكم؟ (أيْ هل يوجد حكم الرجم في كتابكم التوارة)، فَلَّما وجَدُوا حَدَّ الرجم في كتابهم التوراة أمرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهما فرُجما"، وذلك بناء على شهادتهم هُمْ أهل الكتاب على بعضهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>