للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إعلم أنه يقع الترجيح بأحد ثمانية أشياء، وقع منها في الجواهر أربعة، فقال: يقع الترجيح بزيادة العدالة، وقوة الحجة كالشاهدين يُقدَّمان على الشاهد واليمين، واليَدِ عند التعادل، وزيادةِ التاريخ، وقال ابن أبي زيد في النوادر: وتُرَجَّحُ البينة المفَصّلة على المجملة، والنظر في التفصيل والإِحمال مقدَّم على النظر في الأعْدلية، فإن استويا في التفصيل والإِجمال نُظِر في الأعْدَليَّة.

السادس، قال ابن أبي زيد: أن تختص إحداهما بمزيد اطِّلاع، كشهادة إحداهما بحَوْز الرهن والأخْرى بعدم الحوز، لأنها مثْبتة للحوْز، وهو زيادة اطِّلاع. قاله ابن القاسم وسحنون. (١٣٩) وقال محمد: يُقضَى به لمن هو في يده.

السابع استصحاب الحال والغالِبِ، ومنه شهادة إحداهما أنه أوصَى وهو صحيح، وشهِدت الاخرى أنه أَوصَى وهو مريض. قال ابن القاسم: تقدم بينة الصحة، لأنه الأصل والغالب.

وقال سحنون: إذا شهدتْ بأنه زَنَى عاقِلا، وشهدت الأخرى بأنه كان مجنونا، إنْ كان القيام عليه وهو عاقل قُدِمت بينة العقل، وإن كان القيام عليه وهو مجنون قُدِّمتْ بينة الجنون، وهو ترجيح شهادة الحال، وهو الثامن. وقال ابن اللَّبَّادِ: يعتبر وقت الرؤية لا وقتُ القيام، فلم يَعتبر ظاهر الحال. ونُقِل عن ابن القاسم في إثبات الزيادة: أذا شهدت إحداهما بالقتل أو السرقة أو الزنى، وشهدت الاخرى أنه كان بمكان يَعبُد الله قُدِمت بينة القتل ونحوه، لأنها مُثْبِتةٌ زيادةً، ولا يُدرأ عنه الحد. قال سحنون: إلا أن يشهد الجمع العظيم كالحجيج ونحوهم أنه وقف بهم أو صَلَّى بهم العِيدَ في ذلك اليوم فلا يُحَدُّ، لأن هؤلاء لا يشتبه عليهم أمْرُهُ، بخلاف الشاهدين (١٤٠).


(١٣٩) والقاعدة الفقهية تقول: "المثْبتُ مقدَّمٌ على النافي".
(١٤٠) قال القرافي: فهذه الثمانيةُ الأوجُه هي ضابط قاعدة ترجيح البينات، وما خرج عن ذلك لا يقع به الترجيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>