للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إعلَم أنهُ لا يكونُ متى تعَيَّنتْ المصلحةُ أوْ الْحقُّ في جهة، وإنما يكون متى تساوَتْ الحقوق والمصالح، فحينئذ يكون دفعاً للضغائن والأحقاد، ورضاً بما جرتْ به الأقدار،

وهىَ تُشْرَعُ بين الخلفاء إذا استوت فيهم الأهلية للولاية، وبَيْنَ الأئمة والمؤذِّنين، وفي التقدم للصف الأول عند الزحام، (١٦٣) وتغسيل الأموات عند تزاحم الأولياء مع تساويهم، وبين الزوجات في السَّفر، والحاضنات، والقِسمة، والخصوم عند الحكام، وفي عتق العبيد إذا أوصى بعتقهم أو بثلثهم في المرض ثم ماتَ ولم يحملهم الثلثُ عُتِقَ مبلغ الثلثِ منهم بالقرعة، وإن لمْ يَدَعْ غيَرهم فثُلثهم أيضًا

بالقرعة، وقاله الشافعي وابن حنبل رضي الله عنهم.

وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: لا تجوز القرعةَ فيما إذا أوصى بهم، ويُعتَقُ من كل واحد ثلثٌ ويَستسعي (يسعَى) في باقي قيمته للورثة حتى يؤديَها فيَعْتِقَ.

لنا أن رجُلاً أعتق عبيداً له عند موته، فأسْهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم، وأعتق ثلثَ العبيد، ذكر ذلك في الموطأ، وقال: بلغت، أنه لم يكن لذلك الرَّجُلِ غيرُهُم. (١٦٣ م).

الثاني أن رجلا أعتق ستة مماليك له في مرضه، لا مالَ له غيرهم، فأقرعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهم، وعتق. بذلك اثنين، وأقرَّ أربعة في الرِّق، وعلى هذا كان التابعون.


(١٦٣) وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو يعلَمُ الناس ما في النِداء والصف الاول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لَاسْتَهموا، ولوْ يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتَمة والصبْح لأتوهما وَلَو حبْواً".
ففى الحديث بيان لفضل الأذان والمؤذن، وحضورِ الصف الأول مع الجماعة، ولو أن الانسان يحصلُ على ذلك بالقرعة، وبيَانٌ لفضل الذهاب إلى الصلاة في وقت الهاجرة، وَسط النهار، وحضور الصلاة مع الجماعة في الصبح والعشاء التي هي العتمة.
(١٦٣ م) انظر كتاب العتق والولاء في الموطأ، ترجمة ٥٤٠ - ٥٤١، من أعتق رقيقا لا يملك غيرهم، وفي الجزء الرابع من شرح الشيخ الزرقاني رحمه الله على الموطأ. ترجمة ٥٤٠. (من أعتَقَ رقيقاً لا يملكُ غيْرهم، وكذا ترجمة ٥٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>