للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الأولى:

الشهادةُ قد يكونُ مقصودُها الإِثبات فقط، فيقْتَصَرُ على اللَّفظ الدال على ذلك، نحو أشهد أنه باع، ونحوه، وقد يكون مقصودها الحَصْرَ، فلا بدَّ من الجمع بين النفي والإِثبات، ويصرح بذلك في العبارة. قال مالك في التهذيب: لا يكفي أنه ابن للميت حتى يقول: لا نعْلَمُ له وارثاً غيره، وكذلك هذه الدار لأبيهِ أو جدِّه، لا يكفي حتى يقول: ولا نَعلم خروجَها عن مِلكه إلى الموت.

فلَو أن الشهود شهدوا بأنه واحد من ورثته ولا يعلَمون عددَهم لم يُقضَ لهذا بشيء من مِلْك إن كان تركَةَ الميت، لعدم تعْيينه، وتبقى الدار أو غيرها بيدِ من هي بريده حتى يَثْبُتَ الوزنة، لئلا يؤدي لنقض القسمة وتشويش الأحكام.

المسألة الثانية.

قال مالك: إذا قال الشاهد: هذا العبْدُ لفلان، ما بَاعه ولا وهَبه، لا يُجْزئه، لأن جزمه بذلك مِنْ أيْنَ له به، بل يقول: لا أعلَمُ أنه باعه ولا وهبه. وقال عبد الملك: بل يجزم ويقول: ما باعه ولا وَهَبَه، لأن الشهادة بغير جزم لا تجوز. وقال أبو الوليد بن رشد: قول عبد الملك أظهر.

وفي الجواهر: لو شهد أنه مَلَكَه بالأمس ولم يتعرض للحال لم يُسمَعْ، حتى يقول: لم يَخرُجْ عن ملكه في علمي، ولَوْ شهِدَ أنه أقرّ بالأمس، ثبت الإِقرار واستصحب موجبه، ولو قال المدعي: كان ملكه بالأمس، نزِع من يده، لأنه أخبر عن تحقيق له فيستصحب، كما لو قال الشاهد: هو ملكه بالأمس بشراء من المدّعى عليه بالأمس. ولو شهدوا أنه كان بيد المدعي بالأمس لم يُفِدْ حتى يشهدوا أنه ملكه. ولو شهدت أنه غصَبَه، جُعِل المدّعي صاحب اليد، ولو ادعت مِلكا مطلقا فشهدت بالملك والسبب لم يَضُرَّ، لعدم المنافاة.

المسألة الثالثة:

قال ابن يونس: لَو شهدوا بالأرض ولم يحُدُّوها، وشهد آخَرون بالحدود دُونَ المِلْكِ، قال مالك: تمَّتْ الشهادة، وقُضِيَ بهم، لحصول المقصود من

<<  <  ج: ص:  >  >>