قال الشيخ محمد بن عبد الباقي الزرقانى رحمه الله في شرحه على الموطأ: أل للعهد، أي الولدُ للحالة التي يمكن فيها الافتِراش (أيْ تَأتى الوطء، فالحرّة فراش بالعقد عليها مع إمكان الوطء والحمل، فلا ينتفي عن زوجها، سواءٌ أشبهه أمْ لا، وتجرى بينهما الأحكام من إرث وغيره، إلَّا بلعان. والأمة إن أقرَّ سيدها بوطئها أو ثبت ببينة عند الحجازيين، وقال الكوفيون: إن أقر بالولد، وقدَّرُوا مضافا (أي صاحب الفراش وهو الزوج)، فلفظُ الفراش يصْدُقُ على الحرة فقط كما تراه الحنفية، فلا عموم عندهم فيه، أو يَصْدق على الحرة والأمة، ويعُمّهما معا كما هو رأى المالكية ومُوافقوهم، فتخَرَّجُ المسألة على أن العِبرة بعموم اللفظ، أو بحصوص السبَب، قال: فليتنبه لهذا البحث، فإنه نفيس جدًا، وبالجملة هذا أصل في إلحاق الولد بصاحب الفراش وإن طرأ عليه وطء مُحرَّم. ومعنى للعاهر الحَجر، أي للزانى الخيبةُ، ولا حقَّ له في الولد، وهو اسم فاعل من عهر الرجل المرأة إذا أتاها للفجور، وعهرت هي وتعهرت، إذا زنتْ، والعهر الزنا، ومنه الحديث: اللهم أبْدل العهر بالعِفة" قاله عياض: والعرب تقول في حرمان الشخص من الشيء: له الحجر، وبقية التراب، ونحو ذلك، ويريدون ليس له إلا الخيبة، وقيل: هو على ظاهره، أي الرجْم بالحجارة، وضعَّف بأنه ليس كلَّ زان يُرجَم، بل المحْصَن. وأيضا فلا يَلزمَ من رجمه نفيُ الولد. والحديث إنما هو في نفيه عنه، وقال الباجي: يريد الرجم، وإن كان لا يُرجَم زاني المشركين، لكن اللفظ خرج على العموم، ولمَّا قصد عيب الزنى أخبر بأشد أحكامه. ثم ذكر الشيخ الزرقانى هنا رحمه الله نكتة فقال: "لطيفة": كان أبو العيناء الشاعر الأعمى كثير الدعابة وشديد الانتزاع من الآيات والأحاديث (أي الأخذ منها)، فوُلد له ولدٌ، فأتى بعضُ مَن يُريد دعابته فهنأه بالولد، ووضع بين يديه حجرا وذهب، فلما تحرك أبو العيناء وجد الحجر بين رجليه، فقال: مَن وضع هذا؟ ، فقيل: فلان، فقال: عرَّض بى - واللهِ - ابنُ الفاعلة، قال - صلى الله عليه وسلم - "الولد للفراش وللعاهر الحجر". قال الزرقاني هنا في شرحه على الموطأ: وللحديث سبب آخر غيرُ قصة ابن زمعة، رواه أبو داود وغيره من طريق حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. فرحمهم الله ورضي عنهم أجمعين، ورحم كافة المسلمين، آمين.