المسألة الثانية والعشرون: إذا سرق زعفَراناً فصَبغ به ثوْبا، فإن ربَّه أحَقُّ بالثوب حتى يستوفي حق الزعفران. قال مالك: وإذا أخذ الثوبَ من الصَّبَّاغ قبل أجْرته فباعَهُ، فلا سبيل للصباغ إليه، وفي كلا الموضعين كلّ واحد منهما مستحق فيه الصَّبْغ.
فالجواب أن السارق مُتَعَدٍّ في صبغه، غيرُ مأذونٍ له، فكان ربُّ الزعفران أحقَّ بالثوب حتى يأخذ منه حقه، وليس كذلك الصَّبَّاغ إذا دفع الثوب قبل أخذ الأجرة، لأنه قد سلَّطهُ وأذِن له في الانتفاع به، فلم يكن له إلى الثوب سبيل.
المسألة الثالثة والعشرون: إذا أوصى لرجل بجارية، فوطئها قبل موت الموصِى، قال مالك: عليه الحدُّ، وإن وطئها بعد موته فلا حدَّ عليه، سواء كان له مالٌ مأمون أوْ لَمْ يكن، وفي كِلا الموضعين فقدْ وطئ من أوصِيَ له بها.
فالجواب أن الوصية إنما يثبت حكمها بالموتِ، إذْ للموصِى أن يرجع فيها، فإذا وطئ قبل الموت فقد وطئ من لا شبهة له في ملكِه، وليس كذلك بَعْد الموت، بل الشبْهة قائمة، فلمْ يكُنْ عَلَيْه حدٌّ، وإن جَازَ ألَّا تكون له.
المسألة الرابعة والعشرون: لا تجوز الكفالة في الحدود، وتجوز في سائر الحقوق، والكُلُّ كفالة بحَقٍّ على المكفول.
فالجوابُ أن موضع الكفالة غيرُ الحدود، لأنها يجوز أخذها من الكَفيل، والحدودُ لا يجوز أخذها من الكفيل، وإنما تؤخذ مِمَّن وجَبَتْ عليه.