للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه سبحانه. ثم قد يَعْرِضُ له من مُتَعَلّقاته ما يُوجبه أوَ يُحَرِّمه، والمحرَّم قد ينتهى إلِى الكفْر وقد لا ينتهى إليه، والذي ينتهي إلى الكفر أربعةُ أقسام:

الأول نَفْيُ ما دَلَّ السمعُ القاطع من الكتاب والسُّنَّة على ثبوته، وله أمثلة:

الأول أن يقول: اللهمَّ لا تُعَذِّبْ من كَفَرَ بك، أو إغْفِرْ له. وقد دَلَّتْ القواطع على تعْذيب كل واحد ممّن مات كافراً بالله تعالى، كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (١٣)، فيكون ذلك كُفْراً، لأنه طلبٌ لتكذيب الله تعالى ممَّا أخْبَرَ به، وطلبُ ذلك كفْرٌ، فهَذا الدُّعاء كُفْرٌ.

الثاني أن يقول: اللَّهمّ لا تُخلّد فلانا الكافرَ في النار، وقد دلت الأدلة القاطعة على تخليده.

الثالث أن يسأل الداعى اللهَ تعالى أن يُريحَهُ من التَّعب حتى يستريح من أهوال يوم القيامة، وقد أخبرَ اللهُ عن تعَب كلِّ أحدٍ من الثَّقَلَيْن، (١٤)، فيكون هذا الدُّعاء كفراً، لأنه طلبٌ لتكذيب الله تعالى في خبره.

القسم الثاني أن يطلب الداعى من الله تعالى ثبوتَ ما دلَّ القاطع السمعي على نفيه، وله أمثلة:

الأول أن يقول: اللهم خلِّد فلانا المسلمَ عَدُوِّي في النار ولَمْ يُرِدْ سُوءَ الخاتمة، وقد أخْبر اللهُ أنه لا يُخلِّد مؤمنا في النار، ولابُدَّ له من الجنة، فيكون مستلِزما للتكذيب، وذلك كفْرٌ.


(١٣) سورة النساء الآية ٤٨.
(١٤) الثَّقلان: بفتح الثاء المعجمة والقاف تثنية ثَقَل بفتحهما، والمراد بهما: الجن والإنس، لكونهما موجوديْن على ظهر الأرض، ويثقلانها بوجودهما عليها. وقد ورد ذكرهما بهذه الكلمة في الآية الواحدة والثلاثين من سورة الرحمان، وهي قوله تعالى في معرض التهديد بالوعيد والحساب يوم القيامة لهذه المخلوقات: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ}، كما جآء ذكرها في عِدة أحاديث نبوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>